المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا
المحور الثالث : "الفجوة الفكرية بين الأجيال" مفهوماً و مظاهر و آثار و حلول
صاحب المقال الفائز بالمركز العاشر في المحور : جواهر بنت علي الدرمكية
المقال :
أبي.. سأحكي لك , فتفهم
حين اتنهد حمداً , اذكر كونك " أبي" فاكرر الحمد عشراً. يعجبني فيك حس الوقار , الهيبة , والطيب, ويزهو في قلبي سحر عطفك ؛ لكن ثمة ما يعكر صفو علاقتنا , ذلك الخريف الذي يهدد زهو المودة بيننا.
أبي..ثمة اختلاف في زوايا النظر للأمور يؤرق سير حساباتنا , وثمة تباين في انعكاس الأفكار بات مشوشاً ومذبذباً لوضوح افكارنا.
نحن لا نرفض تفكير بعضنا قطعاً , لكن حدود المنطق تختلف عند كلٍ منا. أنا املك نظرة قانعة بإن زماننا خير , وأنني قادرة على خوض المضمار ومواجهة تحدياته .
وفي المقابل انت ترى أننا نعيش زمناً صعيباً تقلق علي فيه حتى من رنة الهاتف , وترى أنني احتاج الكثير من الحنكة والنباهة لأتمكن من تخطي عقباته .
كما اسلفت , نحن لسنا ضد بعض , وأننا لسنا في تحد, إنما الازمان بنا اختلفت , وكلٌ لزمانه هو ينتمي.
لما لا؟! وفتاة عشرينية مثلي تنهل من فيض قلب رجل خمسيني , قد ملك من عطاءات الدنيا الكثير, وزاحم في السير على خطى المجربين كثار.
لا اتنكر للاختلاف, ولا اتهم الزمن بهتاناً بإن فرق بين شمل تفكيرنا. هو الاختلاف وارد ؛ ولكن لابد من وقفة جادة تنصف كلا الطرفين, وتختم الصراع بين جيلين وذلك لإيجاد سد للفجوة التي انشأها الزمن.
ابنتك يا أبي اصبحت جامعية , لها ميولها واهتماماتها في عالمها الخاص , قادرة على التفكير والابداع. ازدان وقتي بالكثير من القضايا الشاغلة . الانفتاح المعلوماتي والتبادل الثقافي اضافا لعالمي الشي الكثير. واصبح الجدال بيننا امراً معتاداً. "لا يناسبك" وأرد " لا يناسبني" .
لطفاً أبي ..لا تجعل الوضع أكثر ازدراء , علينا ان نجيد التعامل مع معطيات الموقف , وأن نقبل بخطى واثقة لنحل أية إشكال قد يولد تضارباً سلبياً بيننا.
لنجد حلاً يا أبي .. دواءاً يذهب أوجاع غربتنا عن بعض . أود حضناً حنوناً يروي حنايا روحي , يلمني عن شتات الحال في زمن قلما يجود بالمشاعر, احتواءاً يا أبي يفضي علي استقراراً نفسياً , ويكفيني عن ضياع قد يرديني اليه سواك.
أبي ..حوار هادئ , ابادلك أفكاري وتعرض علي كنز تجاربك في الحياة , ابرر لك , وتعلل لي , اتسائل وتجيب, واصارحك وأنا مطمئنة , لا أخشى جدلاً عقيماً , وانما اجد نفساً ودودة تطوق الى الاخذ والعطاء.
يلزمنا ابداءاً للرأي.. سأخبرك يا ابي بماذا افكر, وماذا يجول في خاطري. اريد ان اجد منك تحليلاً لما انت مقتنع به.
وجهني واغدق علي سيل نصائحك. ابي..احتاجك. عالمي مزدحم بالسلوكيات والمظاهر والتقنية . ولطالما تملكني شعور الاعجاب بثقلك ورجاحة عقلك, فلا تحرمني علماً وفكراً جاد به عليك الله.
لدي حديث طويل.. قصص اصحابي , مغامرات فريقي , وشيئاً خاصاً في قلبي ينبض بما اعتقد انه مشاعر حب. أتستمع لي يا أبي؟ أتعيرنني إنصاتاً لبعثرة كلماتي؟ أم أنك لا زلت تعتبر ما اقوله ثرثرة فاضية؟
أتعلم يا أبي؟.. الاعتماد على النفس يولد داخلي شعوراً بالمسوؤلية , يخلق لدي حساً عالياً بالقيادة والادارة وتحمل النتائج, ويكون لدي فكرة انني " استطيع " , ولطالما انتعشت هذه الفكرة بمجرد تحقيق إنجاز أو وصول الى هدف. لا أعني بذلك ان تحرمني دلالك, فقد اعتدت منك الكثير من الدلال والسخاء وانا فخورة به.
تقبل مني , ولا تنظر الى كل جديد يخصني على انه تمرد وإنفلات. افتح لي قلبك قبل يداك , ولا تردني خائباً ان اتيتك بخبر يخص ميولي واهتماماتي . كن أول من يستقبل خبر تأهلي الرياضي أو إنجازي التقني. كن أفضل من يحتضن هفواتي ويربت على كتفي.
صن فكري من تلقين الاعلام الغير هادف , وأبعدني عن شعاراتهم الزائفة وتحليلاتهم التي ترمي الى خلق جيل مسير لا يعي دوره ولا يفقه في واجباته. ابعد عني الصحبة التي تزين لي مساوئ الافكار والاعمال. أود كثيراً أن تنشأ افكاري ومعتقداتي على نهجٍ سوي صحيح , لا تشوبه المؤثرات الضالة.
أبي .. لا تجعلني انشد رجلاً غيرك , تبنى كل ما لدي من فكر وإبداع, وهذه المدعوة "فجوة" لنجعلها عدماً بتفهمنا لبعض , ووعينا بما هو لنا وما هو علينا .
احبك ابي .. فشد بيدي. ضمني لعالم منفرد به من شغف الشباب الشي الكثير , وزينه بوقار الكبار ونور حكمتهم , واضفي عليه توافقاً يلم شمل قلوبنا وعقولنا. وإن لم نتفق حيناً , فنحن لن نختلف . إنما هي وجهات نظر خاصة بكلٍ منا . ابي .. وعدا نقطعه على انفسنا , ان لا يصل بنا امر الاختلاف الفكري او الزمني او الثقافي او مهما يكن الى خلق فجوة لا يمكن تخطيها. لدينا من الحلول الشي الوافي والذي سيفضي بنا الى بر الامان في علاقة الابن واباه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق