المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا
المحور الثاني : طرق لتطوير الأنظمة التعليمية القائمة على الحفظ و التلقين لا على الفكر و التفكير
صاحب المقال الفائز بالمركز السابع في المحور : خلود بنت عبدالله العامرية_ سلطنة عمان
المقال :
سُـــلم النـــجاح
العلم وردة بيضاء ،لا يقطفها إلا الأذكياء، هذا ما يقوله المعلم لتلاميذه دائما. إن للعلم مكانة عريقة وصرح شامخ في ميادين الحياة المختلفة، فالإسلام هو من ربى الإنسان على حب العلم والتعلم؛ وأول آيات نزلت على نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم كانت تأمره بالقراءة وتحثه على العلم. اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعلم والتعلم ،فهو نبراس، وشعلة خير أنار الدنيا بمجيئه ومحق الضلال وحق الحق. ومن إهتمام الصحابة بالعلم وتعليم الأبناء ،كانوا يأمرون أسراهم من الغزوات أن يعلموا أبناءهم القراءة والكتابة وغيرها من العلوم، فهذا دليل على أن للعلم مكانة مرموقة منذ القدم، بالإضافة إلى ذلك نجد أن طيات التاريخ قد شكلت لنا من روعتها العديد من الطرق التي كان ينتهجها السلف في الحفظ والتلقين، ومن هنا جاء مشوار المجتمع في البحث المستمر عن طرق لتطوير الأنظمة التعليمية، مما يجعل المنهج مترسخ في ذهن الطالب بلا اعوجاج أو انحراف. ومن الطرق التي يجب تسليط الضوء عليها:
1) غرس مبدأ الثقة والتوكل على الله:
الثقة هي السيف الذي يحرس الجندي كلما أمتطاه وسله، وأهتزاز السيف دليل على الرفعة والعزة ،ولو توشح السيف بمبدأ أكثر أهمية ألا وهو التوكل لزداد ألقا ولمعانا.
يجب الحرص على هذين المبدأين ؛لأن الله تعالى قال في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي ..." ،فإذا أحسن طالب العلم الظن برب العزة لازدهر دربه وأخضر بعدما أرتوى النقاء، وعاش الصفاء. وما يُطلق عليه في علم النفس من إشارات إجابية ،لتحفيز الطالب على الجد والمثابرة، ما هو إلا نطاق من نطاقات الثقة بالله تعالى، فعندما يقول الطالب: " أريد الحصول على معدل متميز في المادة الفلانية "، هو في ذات الوقت يحسن الظن بالله ويوفر جميع الأسباب للوصول إلى الهدف المنشود وهذا ما يسمى بالتوكل، فمن طلب العلا سهر الليالي، والسماء لا تمطر ذهبا، بل يجب على الطالب الجد والإجتهاد مع التوكل والثقة الخالصة برب العالمين. أما التشاؤم واليأس فهي أبواب شيطانية تودي بحياة الأمل وتلقي به في مقبرة الفشل. فحذاري من الوقوع في سجن الجهل، والتقيد بأشواك الهلاك. يمكن للطالب أن يسبغ يومه بالذكر والطاعات ولا يبدأ بالمذاكرة إلا وأدعية تيسير الحفظ والتلقين قد طهر بها قلبه ولسانه،وعند الإنهاء من المذاكرة يقول: " اللهم إني استودعتك ما حفظت وما قرأت فرده إلي عند حاجتي إليه".
هكذا فإن في الثقة والتوكل عجائب روحانية لا يدركها إلا من تحصن بها ورافقها دائما.
2) حث الطلاب على وضع أهداف يومية:
إن التخطيط هو اللمسة الأنيقة التي يضفيها الذكي في كل يوم، وهو الريشة التي يلون بها أهدافه وغاياته.
كثير من الطلاب يعيشون أيامهم بلا أهداف واضحة، فيسري بهم العمر بلا إنجاز ولا نجاح يذكر؛لذلك لا بد من التركيز على موضوع وضع أهداف واضحة قابلة للتنفيذ ومحددة الزمان والمكان، كأن يقول الطالب: " أريد أن أحفظ درس اللغة العربية في يوم الجمعة عند الساعة السابعة ،في مكتبي الخاص" بهذه الجملة حدد الطالب هدفه والذي من المستحسن كتابته بصيغة المضارع ليوحي إلى النفس بأن هذا هدفي أنا ،ويجب أن أسعى لإنجازه وتحقيقه. بهذه الطريقة يمر العام الدراسي والطالب قد حقق العشرات من الأهداف وإن قلت وبسطت فكل هدف عظيم لا بد له من بداية بسيطة أقل منه ، مثلا المذاكرة أولا بأول توفر للطالب الجهد عند وصول وقت الإختبارت، بالإضافة إلى ذلك فإن الطالب يستغرق وقتا قصيرا لاسترجاع المعلومات عند المذاكرة أو المراجعة.
لكل إنجاز بداية والبدايات روعة النهايات، لذلك لابد أن تكون الخطوة الأولى ثابتة ورصينة.
3) تحديد المكان والزمان المناسب:
البشر بطبيعتهم يختلفون فيما يريحهم ويسعدهم، وكذلك فيما يتآلفون معه وينسجمون، فنجد من يهوى الهواء الطلق ومنهم من يفضل التقوقع في زاوية معينة.
إن تحديد مكان مناسب للحفظ بعديد عن الضوضاء والازعاج، وإختيار الوقت المناسب الذي يكون فيه الدماغ نشطا ،وعادة ما يكون مع بدايات الصباح الباكر، كل هذه الأمور كفيلة أن أتجعل الطالب يركز على ما يقرأ ويحفظ وبكل أريحية وهدوء. فاستنشاق نسمات الصباح يبعث في الروح النشاط والحماس للقيام بالأعمال وفق ما خطط له. كما يمكن للطاقم الإداري في المؤسسة التعليمية فمثلا يمكن لمدير المدرسة أو منسقها أن يقوم بإنشاء جدول ينظم فيه الفصول الدراسية،ويحدد لكل فصل يوم معين يزور فيه الطلاب حديقة المدرسة ،أو أي مزرعة قريبها منها ويشرح المعلم الدرس هناك. بالطبع أن هذه الفكرة خاصة بالمواد التي تعتمد على الحفظ والتلقين، بهذه الطريقة يحفظ الطلاب الدرس ويرسخونه في أذهانهم لأنه في مكان مميز وفي الهواء الطلق. كذلك يمكن إعتبار هذه الطريقة كوسيلة لتجديد النشاط والحماس لدى الطلاب.
هكذا فإن حفظ المعلومة وتخزينها في الذاكرة ليس بالأمر الصعب ولكن يحتاج إلى نوع من الصبر والصمود.
4)الكتيب العجيب:
إن إحتواء المناهج الدراسية على معلومات دسمة وجمل مصفوفة فوق بعضها البعض بلا نظام ولا تسلسل، كفيل أن يبعث في النفس التشاؤم.
لذلك لابد من تصميم كتاب ملون ويحتوي على صور تساعد الطالب على الحفظ والتذكر،بالإضافة إلى ذلك من الجميل وضع خرائط ذهنية نهاية كل درس؛ لكي يستعين بها الطالب للتحضير للدرس، وتساعده على حفظ المعلومة بإتقان، وذلك لما تحتويه الخريطة من تفرع للأفكار والمعلومات وتسلسلها بشكل منظم. ومن الرائع ضم الصور في الخريطة الذهنية، لأن عملية تخزين الصورة أسرع بكثير من عملية حفظ الكلمات. كذلك يجب تدريس الطلاب كيفية أخذ التقييدات من كل درس، والتقييدات هي مجموعة من المعلومات تأخذ على ورق أو بطاقات تختصر ما جاء في الوثيقة أو النص بكلمات بسيطة. يمكن للطالب الإستعانة بفكرة عمل التقييدات لكل درس وذلك لتحضير الدرس قبل أن يؤخذ ويقوم بعمل التقييدات في كتيب صغير يضعه الطالب في جيبه ويكون معه أينما ذهب، فمثلا يذاكر الطالب من الكتيب وهو في الحافلة، وكذلك قبل بدء طابور الصباح ، وهو يمشي في الممرات،والجميل في الأمر أن الأماكن متعددة ومتنوعة، فهي تساعد على إسترجاع المعلومة بسهولة، فمثلا سيتذكر الطالب أنه حفظ الدرس الفلاني في الحافلة والآخر قبل طابور الصباح، وهكذا إلى أن يحفظ ويراجع جميع الدروس عن طريق الكتيب العجيب.
إن تبسيط المعلومات بشكل جميل تساعد على حفظها بسهولة ويسر، وتساعد كذلك على الرجوع إليها كلما احتجنا إلى ذلك.
5) تدعيم الدرس أو المحاضرة:
كما أسلفنا سابقا، فإن المواد التي تعتمد على الحفظ إن لم يتم شرحها بطرق مبسطة ومبتكرة ؛فإن باب الملل سيكون مفتوحا في كل حين.
من الجميل أن يعرض المعلم أو المحاضر على طلابه ثلة من الفيديوهات التي تتحدث عن نفس موضوع الدرس، فمثلا مادة الأحياء تعتمد على الحفظ بشكل كبير مع القليل من الفهم، لذلك من الجميل عرض فيديو يتحدث عن كيفية تحرك الجزيئات خلال الخلية، بهذه الطريقة يسهل للطالب فهم وحفظ الدرس بسرعة أكبر،ويسهل عليه تذكره . بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمعلم أن يحكي لطلابه بعض القصص المتعلقة بالدرس، أو القريبة منه بحيث تساعد على حفظه. كما يمكن للمعلم أن يشجع طلابه على تأليف قصص عن الدرس، أو عمل مسرحيات قبل البدأ في الدرس، وذلك يعطي الدرس نوع من الحماس والحيوية، و كذلك يمنح الطلاب نوع من الجرأة والطلاقة في الحديث.
الطالب جوهرة مكنونة في جوف صغير، ولكي تبرز وتزداد لمعانا، لابد من تهيئة جميع الظروف لها.
6) تصميم مجلة إلكترونية لكل مادة:
أصبح للكتنولوجيا دور هام في تطوير الأنظمة التعليمية،فهي الوسيلة التي تسهل المسير وتقلل التكاليف.
يمكن تصميم مجلة إلكترونية لكل مادة،تحتوي هذه المجلة على معلومات إضافية وقصص حول المواضيع المدروسة بالإضافة إلى مجموعة من الصور والرسومات. يعطى الطالب هذه المجلة إما على قرص أو يتم نقلها عن طريق إصبع الذاكرة ، فبهذي الطريقة يمكن غرس حب الإطلاع والقراءة في نفوس الطلاب، بالإضافة إلى تحقيق الغاية الأسمى وهي مساعدة الطالب على الحفظ بطرق مبتكرة.
لكل رواية أحداث وأحداث العلم والتعلم لا نهاية لها، ودخول التكنولوجيا يضفي رونقا جذاب.
7) ملك الحفظ والرسام المبدع:
روح التنافس والمثابرة تتراقص دائما حول طلاب العلم، لذلك ومن هذا المنطلق لا بد من وضع مسابقات تدور حول مسار الحفظ والتلقين.
فكرة عمل مسابقة ملك الحفظ تبدأ بفكرة أخرى ألا وهي فكرة "حقيبتي"، وهي عبارة عن حقيبة توجد عند كل معلم مادة تحتاج إلى حفظ وتلقين، تحتوي هذه الحقيبة على مجموعة أسئلة من الدروس التي درسها الطلاب خلال الأسبوع، فمثلا يعمل الإختبار القصير في يوم الأربعاء ويتم الإعلان عن الفائز من كل صف في يوم الخميس. الطالب الفائز والحاصل على علامة كاملة يعطى بطاقة مكتوب عليها "أمير الحفظ"، ويعمل هذا الإختبار القصير أسبوعيا، والطالب الحاصل على أكبر عدد من البطاقات هو الفائز بلقب " ملك الحفظ"، ويمكن أن يمنح اللقب لأكثر من طالب لو حصل التعادل بينهم في عدد البطاقات، ويتم الإعلان نهاية كل شهر. كما يمكن للمعلم أن يجري مسابقة بين طلابه في أفضل ملخص للدرس أو يطلب منهم عمل دفتر خاص للخرائط الذهنية ويقوم بتجمع الدفتر نهاية كل أسبوع، بعدها يعلن عن أفضل خرائط ذهنية مبتكرة ومنفذة بشكل جميل و واضح، ويفوز بلقب الرسام المبدع.
بهذه الطريقة وعلى نهج هذا السلم، يمكن للمعلم أن يسهل عملية الحفظ على الطلاب، بالإضافة إلى أنها تعد فرصة رائعة لاكتشاف مواهب الطلاب ، ومن ثم المبادرة في صقلها وإبرازها في المجتمع.
إذا لابد من المبادرة ،وتشمير السواعد؛ للإنطلاق بأنظمة تعليمية رائدة، وبناء جيل واعد قادر على تحمل المسؤلية، ولن يتحقق ذلك إلا بوجود ركائز مهمة، أولها لبناء أي صرح لابد من وجود أعمدة تحمي وتعطي كيان وهيل المبنى، لذلك يجب أن تحتوي المناهج الدراسية على مواضيع غرس الثقة والتوكل على الله، وكذلك من المستحسن أن يعلم الطالب فن التخطيط و وضع أهداف يومية، فبهذه الطريقة يتحسن تحصيل الطالب، ويترتفع مستواه التعليمي. بعدها يهيأ المكان والزمان المناسب ،ويهيأ الكتاب للدراسة بحيث يحتوي على صور ملونة ،ويحتوي على ثلة من الخرائط الذهنية، ويعلم الطالب كيفية أخذ التقييدات ، ويجب تدعيم الدرس بمجموعة من الفيديوهات والمسرحيات. كذلك من الجميل وضع مجلة إلكترونية لكل مادة. ومن باب التنافس بين الطلاب، يستحسن إقامة مجموعة من المسابقات تحفز الطلاب على الحفظ وتضىء شمعة الأمل في دروبهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق