مقالات المشاركين في مسابقة سنبصم فكرًا
المحور الأول : كيف يفكر شباب اليوم و ما هي نقاط ضعفه و قوته
صاحب المقال الفائز بالمركز الأول في المحور : عبير بنت ناصر الحمراشدية_ سلطنة عمان
المقال :
كيف يفكر شباب اليوم وما هي نقاط ضعفه وقوته
إن الفكر البشري وما يتمركز بدواخلنا من نقاط وأهداف وأفكار ما هي إلا ألوان من التفاعلات امتزجت وتفاعلت بين مكنوناتها وما يحيط بها من مؤثرات خارجية, فتشكلت لوحة فنية تباين العديد في وصفها ما بين الجمال والروعة وما بين الرداءة وسوء الصنع، وكل ذلك مقرونا بحكم الناظر وفكره ولذلك فإن الاختلاف ما بين فكر وفكر أخر نتاج لاختلاف عصارة فكر كل فرد .
إن التحدث أو التفوه عن شباب اليوم وفكره في كينونة قوته وضعفه يتطرق إلى عدة محاور متداخلة أهمها التأثيرات المحيطة به، نظرة الشخص لنفسه، البيئة التعليمية وغيرها الكثير. وخلال مقالي بإذن الله سأعرض عدد من المحاور.
فكر الشباب:
إن المعاشر والمتداخل لشباب اليوم يجد الاختلاف الكبير بين كل فكر، فكل اختلاف ينبثق من منبع ماء الفكر وكيفية تسربه إلى عقلية الفرد منا ولذلك نؤكد أن هنالك من اتخذ الحياة مجالا لإبداعاته وتحدياته لقد غرس في ذاته حب مواجهة الصعوبات وتشوقه لتذوق طعم النجاح ومواصلة المشوار بتسلق السلم الآخر، إن فكر الشاب الطموح يتخذ من كل عقبة ملاذا لنجاحاته فيسخر كل أمر صعب لشأنه فيلين الحديد ويشق طريقه بكل اصرار وعزيمة في الطرق الوعرة ويتسلق الجبال الشامخة وكل حواسه مملؤة بالحماس والاعتزاز بالنفس. إن ذلك الفكر به ترقى الأمم ،وبه النفس تعتز وتفتخر فيحول كل الانتقادات ومعاول الهدم إلى فكر متحضر حاملا تلك المعاول ليبني بها خططه القادمة ليسطر عالما من النجاحات والآمال.
أما الفكر الأخر من شبابنا فقد اتخذ من عقبات الحياة ستارا ليبقى فكره مغروسا بشتى الأعذار لعدم مواكبة سرب النجاح، دائما يهوي إلى القاع خائفا من أي عقبة، تجده بالقول معتزا بنفسه ومتفاخرا وبالفعل قد دفن فكره تحت الثرى. إن ذلك الشاب قد اتخذ من كل أمر عذرا واهيا حتى يتكاسل ويتخاذل في متابعة طريقه، فحين تعزف الحياة سيمفونية النجاح في طريقه يهرب بعيدا عنها مبرهنا أنه لا يحتاج إلى تلك النجاحات وأن تلك السيمفونية مجرد شبح يداهمه لابد من القضاء عليه.
وهنالك من يفكر بطريقة خرافية، إنه الفكر الذي أخذ يجرب كل شيء بدون وعي وبلا تقييم لفكره فانساق أمام ملذات الحياة وشهواتها، فأمات فكره بتلك المواد القذرة واستطاع تجميده ولم يطلق له حرية العنان ،فقد حبس فكره في قفص متاهات الحياة متخذا بذلك الفكر رمزا لإنسانيته وانطلاقته الفكرية نحو كل جديد بغير إدراك إن كانت مطابقة لمبادئه، فانخرط مع تلك الفئة التي تتناسق بأهداف فكره وتشجعه على الخراب. إنه الفكر الخطير الذي يجر معه كل الأمور الفاشلة والتي لابد من معالجته وأخذ الحيطة والحذر منه.
أما الفكر الأخير فلنطلق عليه بالفكر المنعزل أو الفكر الذي يخاف من كل شيء ليس جريئا يتمنى التجربة وخوض المعركة بطلاقة ولكن التغطرس في وحل الخوف وعدم الثقة يدفعه إلى عدم مصارعة التحديات، إنه الفكر الذي يحتاج بشدة أن نقف معه جنبا إلى جنب ومساندته لتفجير طاقاته الكامنة والسمو بفكره نحو العلا. من الضروري أن نبني في فكره ومخيلته كيفية مواجهة كل أمر عسير وغرس في باطنه أن كل فشل بداية للنجاح ولقد حان أن يستل سيفه ويحارب معركته مهما كانت نتائجه حتى يتذوق طعم النجاح والفشل ، والإصرار في مواصلة المسير بسفينته مهما كانت الرياح باتجاه التيار أو ضده والتأقلم على الرياح العاتية والأمواج الهائجة.
إن فكر كل شخص منا لم يأتي هباء منثورا فهنالك عدد من العوامل على مر السنين قد شكلت فكر كل إنسان ،وفي هذا المجال سأتطرق إلى عدد من العوامل أهمها:
1- البيئة التي يعيش فيها كل فرد منا: إن العائلة لها الدور الأساسي في تربية فكرنا فكثير من الشباب الذين انقادوا للأمام قد وجدوا تلك البيئة التي أسست دعائمها لحب النجاح نحو الاجتهاد والتغلب على كل مشاق الحياة وفي الطرف المقابل نجد تلك الأسرة المفككة التي قادت أطفالها نحو الهاوية بدون أسباب واضحة سوى تلقينهم الأفكار السلبية وغرس بيئة انعدمت فيها الأخلاق والطموحات فماذا سيكون فكر أغلبية أبنائها سأترك الإجابة لمن يعنيه الشأن. وهنالك من يرى أن تربية الأبناء تقتصر فقط على بتربيتهم وبدون زرع معاني الأمل وحب النجاح في نفوس أبنائهم مرددين عبارات عديدة أهمها (سيكبر وسيعمل) أو (ليس مهما أن يحمل شهادة جامعية سيجد وظيفة حتما وبدون شك)...شبابنا قد اقتنعوا بتلك المبادئ فغرسوها في أنفسهم فمنهم من غرس بذور التحدي ليواصل حياته بعزيمة وإصرار وهنالك من غرس مبدأ متابعة الحياة على ما هي عليه منتظرا أن تمطر السماء ذهبا ومتحججا بالعائلة كسبب كامل في إخفاقه.
2- الصحبة أو الرفاق: فلنتمعن جيدا بعبارة ( قل لي من تصاحب أقل لك من أنت) كثيرا ما اتخذنا هذا الموقف للحكم على فكر الشباب وقد تكون صائبة أحيانا وقد تكون خائبة أحيانا ومع ذلك نجد أن فكر الشباب الطموحين والمعتزين بفكرهم يتجمعون من أجل المنافسة الشريفة وتقوية أواصر فكرهم للرقي بمجتمعهم. وهنالك من ركد نفسه نحو فئة الشباب المنحطين بفكرهم ليفتخروا بطيشهم وحياة فكرهم الممزوجة بمستنقع الأفكار الفاشلة أحيانا والاستهزاء بفكر الآخرين وبدون إدراك إن صح القول إنما يتأسفون على حياتهم التي تمضي بدون فكر واع وقيم.
3- المؤثرات الخارجية: إن المحيط الخارجي الذي نعيش بداخله مكلل بعدد من التأثيرات التي قد تقود بفكرنا نحو الأمام لتتسابق أحلامنا مع النجوم وقد يقود فكرنا للاصطدام في قاع التكاسل والانكسار بعدما كان طريقنا سليما ولكن للأسف الشديد تجربة بعض المؤثرات والتعايش مع مؤثرات أخرى قد انغمس فكرهم بها وتعايشوا معهم فأصبحت جزءا لا يتجزأ منهم. وإننا لنلقي اللوم والحسرة على فكر تلك الفئة التي بدأت طريقها بكل قوة وعزم ولكن نتيجة لضعف في فترة وجيز قد وهن بفكرهم وقادهم للظلال. إن تلك المؤثرات الخارجية تتمثل في الإعلام، الغربة وما يصاحبها من تغيرات في فكر الشخص، وسائل التواصل الاجتماعي، حب الاطلاع وبدون قيود والتكنولوجيا وغيرها الكثير.
4- الدين الإسلامي: إن الدين الإسلامي والتحلي به ركيزة أساسية لفكر الشخص ورقيه، فالتحلي بالدين الاسلامي والالتزام بالأخلاق الحسنة كفيلة جدا في تربية وتنشئة فكر كل فرد على المنهج القويم والرقي بفكره، والنقيض حينما يبتعد الفرد عن الدين الاسلامي وينسلخ عن الأخلاق الحسنة ويتخذ الأخلاق السيئة ملاذا لفكره حينها سينشئ بفكر فاسد وغير صالح.
5- الثقافة: إن الثقافة كفيلة أيضا في غرس علو الفكر وسموه وحب التعلم لتكون أيضا شعارا نحو النجاح ومسايرة الناجحين والعلماء الذين اتخذوا من العلم والظروف المحيطة بهم شعلة لشق طرق الظلام واليأس واثقين أن بعد الألم أمل وبعد الفشل نجاح.
6- المنظومة التعليمية والمؤسسات الشبابية: للمنظومة التعليمية الدور الكبير في توسيع نطاق فكر الشباب ، فلابد أن نلح على تدريس أطفالنا كيفية تطوير فكرهم بطريقة مباشرة تارة وبطريقة غير مباشرة تارة من أجل دعمهم في مسايرة تطورات الحياة بكل سهولة ويسر والتغلب على مجريات الحياة الشاقة.
إنه لمن الصعب جدا تصنيف فكر أي شخص من حيث قوته وضعفه وذلك طبقا لعدد من المحاور التي من شأنها أن تكون سببا في تداخل أو اختلاف في كيفية تحديد صلابة فكر ما وسهولة تليين ذلك الفكر ومن تلك العوامل أهمها:
1- جنس الشخص: ذكر كان أو أنثى فلكل منا لديه فكر مختلف عن الأخر طبقا لمقدار قوته وضعفه بحسب التغيرات الفيسيولوجية التي يمر بها كل شخص منا. فالذكر مثالا للقوة والشجاعة والصلابة في عدد من الأمور التي تؤهله في بناء فكر قوي ومتماسك. أما النساء في غالب الأحيان تحكمها العاطفة وتسيطر على فكرها وبذلك قد يتبلور فكرها حول محاورة العاطفة قبل إبداء أي أمر.
2- شخصية الفرد: تتنوع شخصية كل فرد منا فهنالك الشخصية القوية، الشخصية الجريئة والواثقة، الشخصية المترددة، الشخصية الخائفة من كل أمر. إن تباين شخصية الإنسان لها الأثير الكبير في تحديد ثمار فكره.
3- الأزمات والظروف الطارئة: قد تمر عدد من الظروف والأزمات التي تحدد قوة فكر الشخص وعمقه وكذلك ضعفه بمجرد النظر إلى محصلة فكره في ذلك الأمر وكيفية تجاوبه مع المشكلة بطريقة عقلانية ومثالية.
قوة فكر شباب اليوم تتمثل:
1- في كيفية مواجهة تحديات العصر بطرق إيجابية بدون إلحاق الضرر لأي فرد كان.
2- مكافحة الأزمات والمشكلات التي يتعرض لها بسبل عديدة بدون الحاجة إلى الهروب أو التعذر بأمور أخرى.
3- قول الحق في أي أمر بدون الخوف أو التصنع بانشغاله بحاجات أخرى، وكما يقال الساكت عن الحق شيطان أخرس.
4- اتخاذه للفشل ركيزة أساسية في بناء حياته ومواصلة المسير وإن تعثر أحيانا يقاوم بعزم أكبر وطموح أعلى.
5- قدرته على تغيير فكره طبقا للبيئة والظروف التي يعيشها بدون أن يمس في مبادئه المغروسة بشكل سليم.
6- الانسيابية في طرح أفكاره وتقبل الآخرين عليها بكل ثقة ويدون تردد.
7- الجرأة والثقة والطاقة الكامنة التي يطلقها حينما يحين وقت خروجها للعالم.
8- قدرته على اتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب بدون خوف.
إن ضعف فكر الانسان يتمثل
1- في الخوف والتردد من أي أمر وعدم السماح لفكره باتخاذ القرار المناسب بوعي وإرشاد متكامل.
2- التسرع والعجلة في اتخاذ الرأي في المواقف الهامة.
3- الاعتماد على الأخرين في تشكيل شخصيته وانقياده مع تياراتهم بغض النظر إن كانت تتطابق مع ما يوحيه فكره من منطق.
4- الانعزال عن الاخرين وعدم مخاطبتهم في أي شأن.
5- التكهن بأنه إنسان غير قادر على نسج أفكاره وأن هنالك من هو أحق منه في اتخاذ القرار.
6- التصنع بالألم والعيش على الماضي ونعت الأخرين بأنهم كانوا السبب في فشله.
7- محاكاة الأخرين وتقليدهم في كل خطوة معبرا عن ذلك بما يسمى بالصداقة.
8- إيمانه بأن كل النجاحات وكل من خلد التاريخ بصماتهم وأسمائهم كان مصادفة.
إن المتفكر بطموحات الشباب والمتمعن فيها يجد أنه من المهم جدا تنشئة فكر شبابنا نحو القيم الأخلاقية والدينية وغرس حب التحدي والطموح في فكرهم وذلك من أجل الرقي بمجتمعاتهم بشكل عام والسمو بفكرهم وتعزيز الثقة بشكل خاص ومن هذا المنطلق لابد أن يكون هنالك هيئات تعمل بشكل ملموس وواقعي في كيفية تحسين فكر شبابنا وكيفية مواجهة التحديات التي تشكل خطرا عليهم، وعليه نطالب أن تكون المنظومة التعليمية مبنية على كيفية تنشئة فكر واع وذو قيم أخلاقية حسنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق