المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا
المحور الرابع : تأثير التكنلوجيا و وسائل الإعلام الحديثة على الفكر
صاحب المقال : علياء بنت محمد البوسعيدي
المقال :
تأثير التكنلوجيا و وسائل الإعلام الحديثه على الفكر
( إن الأحوال إذا تبدلت جمله ، فكأنما تبدل الخلق من أصله و تحول العالم بأسره وكأنه خلق جديد) قالها ابن خلدون سابقا و أفتتح بها عباراتي هنا فهكذا هي الكره الأرضيه حينما إنفجر فيها بركان التكنلوجيا و وسائل الإعلام حيث تحول العالم بأسره إلى قريه صغيره يتقارب فيها الشرق مع الغرب . و ليس غريبا ، فالتغير و التطوير سنه الحياه و أمر لابد منه، فنحن كبشر لا نعتمد في حياتنا على الغرائز التي ورثناها جينيا لكي نعيش ، بل نكتسب المعارف و الخبرات الجديده من التجربه، والتداخل، والإكتشاف، والبحث، والتنقيب . لولا ذلك لما كان العقل و الحواس و لغه من أجلَ نعم الله علينا نسخرهم جميعا لتلخيص خبراتنا ، و تطوير مداركنا ، وتبادل معارفنا ولأن الحياه أخذ وعطاء ، بحث و نقاش، اكتشاف و إثبات، عمل بني البشر جاهدين حتى وصلوا إلى عصر المعلوماتيه و التكنلوجيا. فالوسائل التكنلوجيه الحديثه و وسائل الإعلام المختلفه ليست إلا محصله فكر، وإبداع عقل بشري ، فما نتج من فكر، جدير به أن يأثر عليه.
لا أحد ينكر أن كلا من التكنلوجيا و وسائل الإعلام قربت البعيد المغترب عن وطنه ، و أنجزت الأعمال بكبسه زر، و زادت إنتاجيه الفكرالإنساني ، كما أنها حررت الفكر فأنتج، و أعملت العقل فأبدع ، دخلت في أدق تفاصيل حياتنا فأصبحت تشكل محيطنا هي معنا في المنزل وفي السياره وفي محيط العمل ، فمن منا لا يستخدم الهاتف الخلوي، و الحاسب الألي، والتلفاز، و الأله الحاسبه و غيرها الكثير و الكثير؟ من منا لا يسمع للإذاعه و تستهويه الصحف و المجلات؟ إنها جميعا نواتج للتكنلوجيا بعضها سهل العسير و الأخرى نقلت خبر البعيد و الثالثه لها مأرب أخرى ...ولكن ... هي ذاتها التي أثبطت فكرا ، و دنست عملا ، وبعضها أبعدت قريبا عنا بالرغم أنها يسكن بيننا إلا أنه إكتفى بالهاتف الخلوي ليسأل عن أحوالنا . هي إذن سلاح ذو حدين، و هي كدواء و لا دواء بدون أعراض جانبيه ولا خيارلدينا إلى أن نتحكم بالجرعه حينها فقط نسلم ...فلاَ فعلنا ؟
بين الماضي و الحاضر:
فلنعود بالذاكره لنتصفح التاريخ القديم و نجد أن التكنلوجيا ليست مستحدثه و أبعادها التاريخيه تعود إلى الآف السنين ولكن لكل زمان مسماه الخاص و تعريفه المبتكر لتكنلوجيا و مهما إختلفت المفاهيم عبر العصور يبقى الهدف البشري واحد في كل الأزمنه وهو تذليل البيئه و مواردها لتحقيق طموح الإنسان و تطلعاته فمن هذا المنهج انبذقت التكنلوجيا و أصبح كل عصر يبني تجاربه على معارف العصر السالف له حتى وصلنا لعالم السيارات و القطارات والمركبات الفضائيه.
فكلمه تكنلوجيا في حقيقه الأمركلمه ينانيه الأصل تتكون من شقين كلمه (Techo) وتعني الفن و الصناعه و كلمه (logia)وتعني العلم. ففي العصر الحجري استخدم الإنسان الحجاره ليصنع أدوات الصيد و الزراعه و أدوات الدفاع عن النفس و لم يكن ذلك إلا تكنلوجيا ولكن بالطريقه البدائيه. وانتقل به الأمر ليستخدم البرونز في العصرالبرنزي ثم إلى الحديد في العصرالحديدي . حتى أضاءت شمس العصر الحديث و أوقد معه فكر الإنسان فتوالت الإختراعات والإكتشافات فطوِرت آلات النسيج التي أصبحت تستخدم الآله البخاريه بدلا من الطاقه البشريه . وحين أشرقت شمس القرن التاسع عشر و العشرين سطع نور الفتوغراف و الراديو و المركبات و الطائرات وغيرها الكثير و الكثير فلست هنا بصدد إستعراض التاريخ الطويل للتكنلوجيا ولكن لنتبين أن الفكر البشري هو الذي أنتج التقانه فكلما زادت حاجه البشر نحو أمر ما سعى جاهدا للوصول إلى مبتغاه ولولا ذلك لما وصل بنا المطاف اليوم ليكون لدينا تكنلوجيا الإتصالات، و تكنلوجيا الفضاء، والصناعه، والطب ، والهندسه، و التعليم.
و الأمر ذاته ينطبق على وسائل الإعلام فهي طفرةٌ من نوع أخر ففي العصور القديمه كان البشر يتبادلون المعلومات بالمشافهه في المقام الأول، كما أن العداؤون كانوا يقطعون المسافات الطويله لنقل الرسائل الشفهيه، وسابقا قرعت الطبول و أشعلت النيران ليتم الإعلان عن حدوث أمر معين في المدينه، و الجديربالذكر أن المنادون كانوا يسيرون في شوارع المدينه ليعلنون عن حالات الميلاد والوفاه و الأحداث العامه ذات الأهميه. اليوم استبدلنا الطبول و النار، العداؤون و المنادون بالتلفاز و الراديو و الجرايد و المجلات لنكون في قلب الحدث و نقلت إلينا الأخبار بالصوت و الصوره.
ولوسائل الإعلام أنواع مختلفه منها المقرؤه (كالجرايد و المجلات) و المسموعه (الراديو) و المرئيه (كالتلفاز) كما ظهرت أيضا وسائل التواصل الإجتماعي المختلفه ك (facebook,twitter, youtube, SMS, skype, massenger, blogging...ect. ) .
فالخلاصه أن التكنلوجيا و وسائل الإعلام و وسائل التواصل الإجتماعي هي طفره تضاف لرصيد الفكر البشري نشأت من فكر و أثرت عليه .
ثوره ... نحو فكر أفضل :
بعد ما أصبحت التكنلوجيا و وسائل الإعلام لغه المكان، وجواز السفر للإرتحال من زمان إلى زمان كان حريا بها أن تحطم قيود البعد و الجهل فوسعت المدارك و طورت الخطاب الفكري و التفاعل بين البشر. أحاطت بنا من كل حدب و صوب كما ساعدت على تنميه الفكر الإبتكاري، وترشيد استخدام المواد المتاحه، فتطورت الجوانب الصحيه، و الإقتصاديه، و السياسيه، و العلميه. بفضل التكنلوجيا و وسائل الإعلام وفرًت الأموال، و تسهلت أحوال البشر، كما أنها أضافت الترفيه للحياه اليوميه ولو لا التقانه لما ظهرت حقول العلوم الجديده كعلوم الحاسوب و هندسه البرمجيات و علوم الشبكات الحاسوبيه.
كيف لا ؟ وبالتكنلوجيا انضغطت موسوعه علميه بأكملها تحتوي على آلاف الصفحات الورقيه في قرص لا يتجاوز حجمه راحه اليد ، أو ليست هي التي نقلت أحداث العراق و أمريكيا و الصين و المغرب العربي و غيرها من بلدان الشرق و الغرب الشمال و الجنوب إلينا؟. كما أن تقانه الأقمار الإصطناعيه هي التي مكنت نيل أرمسترونغ للوصول إلى القمر ليصبح أول جنس بشري يصل للقمر. بل إن البيع و الشراء أصبح منزلي بفضل دخول التجاره الإلكترونيه و على الصعيد التعليمي استجدت لدينا عروض الأفلام و أجهزه الحاسوب، كما زادت الأبحاث بل أصبحت التكنلوجيا و وسائل الإعلام هي المٌعلم المنزلي و الخاص للأفراد. كما امتزج خليطٌ بين الإقناع الفكري وايصال المعلومات بالتلسيه و الترفيهه فأصبحت المعلومه تترسخ في الأذهان بالطريقه السلسه . و فتحت وسائل الإعلام المختلفه أبوابها لتكون حلقه الوصل لتوصل قضايا الفرد و أفكاره للعالم أجمع. كما أنها استطاعت أن تثقف الفرد و تبصره بأمور كان يجهلها.
فالعالم التكنلوجي هو عالم الفكر والآداء و كوكبٌ خاص لحل المشكلات قبل أن يكون عالم لإقتناء المعدات .
ثوره...ولكن ؟
لتكنلوجيا و وسائل الإعلام سلبيات على الفكر لا يمكننا أن نرسم حدودها بين عشية و ضحاها. عالمنا الآن تحت مظله التكنلوجيا و التقانه الحديثه و وسائل الإعلام التي بدورها أحجبت أعيننا لدرجه أنها لم تجعل لنا فرصه سانحه لنعود إلى أنفسنا ونصارحها و نفكر مليا و بعمق في سلبياتها و عواقبها،وقد تكون ايجابياتها هي التي حجبت عنا عيوبها ؟.
أصبحت الآله هي التي تقوم بأبسط الأعمال حتى في الحسابات البسيطه فلم نعد نعمل العقل و نستخدم الذكاء في حل المشكلات، وفي أيامنا هذه...يقضي أطفالنا معظم يومهم برفقة الآدوات الإلكترونيه لاسيما الحواسيب و الهواتف النقاله و ألعاب الفيديو. حتى باتت هذه الألعاب تعلمهم العنف و العزله و العيش في عالم افتراضي فأفسدت واقعيه الأطفال وشوهت عالمهم الجميل و البسيط. ولا يمكننا أن ننكر أن التكنلوجيا و وسائل الإعلام تعد مرتع خصب لتحرر بجميع أنواعه كما أنها في كثيرمن الأحيان سبب في اهدار الوقت.
أما عن الإنترنت و وسائل التواصل الإجتماعي فالإنسان الحالي فٌتن بها حتى أصبحت الجليس و الصاحب وكلنا على يقين أن الإنترنت وسيله للإرسال و الإستقبال دون رقابة فمجال التحررفيه واسع و كبير .كما اكتفى الإنسان اليوم برساله SMS لكي يسأل عن أقربائه و أصحابه فقلت الزيارات العائليه و المقابلات الشخصيه فهل نجعلها تقضي على ما تبقى من علاقات إجتماعيه؟
ختاما:
الخلاصه أن التكنلوجيا هي وسيله وليست نتيجه وأنها طريقه لتفكير في استخدام المعارف و المعلومات و المهارات بهدف الوصول إلى نتائج لإشباع حاجة الإنسان وزياده قدراته. وكلا من التكنلوجيا و وسائل الإعلام تلعبان دورا سلبيا خطيرا على الفكر، يجب الإحتياط منه و تلعب في الآن نفسه دورا ايجابيا عظيما لا يمكن اغفاله أو التنكر له...
و يبقى السؤال طارحا نفسه حول من يحكم على الآخر أهي الآله أم الإنسان؟ يتراءى إلى ذهن البعض أن الجواب سهل جدا ولكن واقع الحال يبوح بغيرذلك. وبين هذا وذاك أنت من تقررأي طريق تسلك. فنحن مع نريد ثوره معلوماتيه تقودنا نحو فكرأنقى لنبي عالمٌ أجمل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق