الاثنين، 7 أبريل 2014

المحور الثاني ، الفائز بالمركز الثالث

المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا



المحور الثاني : طرق لتطوير الأنظمة التعليمية القائمة على الحفظ و التلقين لا على الفكر و التفكير

صاحب المقال الفائز بالمركز الثالث في المحور : سينتيا يوسف تادة_ لبنان




المقال :

من التلقين إلى الاستنتاج




يقولون "العلم نورٌ". انّها العبارة المتنقّلة من جيل الى جيل ومن مجتمع الى آخر. تحلّ المشاكل تارةً وتارةً أخرى تطرح اشكاليّات كثيرة. ففي بعض المجتمعات العربيّة يطمح الشباب الى نيل شهادات عليا بينما في مجتمعات أخرى يكتفي بالصفوف المتوسّطة والأساسيّة. المشكلة التي يواجهها الشباب اليوم هي طريقة الدرس ومحتوى المناهج المدرسيّة والجامعيّة القائمة على التلقين والحفظ دون التفكير أو القيام بأيّ نشاطات تمهيديّة تتلائم وتتلاقى مع حاجيّاتهم ومهاراتهم. فكيف يمكن أن تتطوّر الأساليب وأنظمة التدريس في المجتمعات العربيّة لكي تحفّز الشباب على التفاعل أكثر مع المعلّم والدرس؟

في البداية، لا بدّ من الٳضاءة على أسلوب حياة الشباب اليوم: فهم أصبحوا لا يتخلّون لمدّة دقيقة واحدة عن اللوحات الرقميّة المتطوّرة الموصولة بشبكة الٳنترنت. وقد أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليوميّة. كما أنّهم باتوا يميلون ٳلى أساليب جديدة في الدرس وينبذون طريقة الحفظ دون فهم. من هنا أهمّيّة تطوير المناهج المدرسيّة والجامعيّة وطرق التواصل في الصّفّ بين المعلّم والتلميذ، لكي تتلاقى وأسلوب عيش الطلّاب.

أوّل ما يجب القيام به لتطوير أساليب التعليم، هو تدريب الأساتذة وتعريفهم بأنواع الذكاء الذي يواجهونها مع تلاميذهم. فهناك التلميذ الذي يفهم الدّرس ٳن كان في طريقة شرحه حركةً و تنقّلًا من مكان ٳلى آخر في الصفّ. فالهدوء ومراوحة الأستاذ مكانه خلف طاولته يساهم في تشتيت فكر التلميذ وتبديد تركيزه. أمّا الحركة فتبقيه يتابع الأستاذ. أمّا نوع آخر من الذكاء فهو الذكاء التواصلي حيث إن شارك التلميذ بحوار حول مسألة ما حفظ الدرس وفهمه. ونوع أخير من أنواع الذكاء الكثيرة والمتعدّدة هو الذكاء الموسيقيّ حيث إن سمع التلميذ الدرس على شكل أغنية حفظه. إنّ معرفة الأستاذ لنوع ذكاء كلّ طالب من طلّابه، يساعده في تنويع أساليب التدريس وتوظيفها في خدمة تلاميذه.

ثانيًا، إنّ الطرق المستحدثة للتعليم تعتمد على ثلاثة أهداف. الأوّل هو الهدف المبني على المعلومات البحتة التي على التلميذ معرفتها في نهاية الحصّة. أمّا الهدف الثاني فهو مبني على ما يجب أن يفهمه الطالب. والهدف الأخير يرتكز على التطبيقات وقدرات الطالب في نهاية الحصّة. يمكن لأدوات التكنولوجيا أن تساهم في إصابة الأهداف الثلاثة للحصّة مضيفةً إلى الدرس عناصر تشويق يتمتّع الطالب باستعمالها. على سبيل المثال، يمكن للمعلم أن يوظّف تطبيق الباور بونيت لإدخال عدّة صور ومقاطع فيديو وملخّصات متعلّقة بالدرس. كما يمكنه استخدام جداول البيانات في تطبيق ال إكسيل. ممّا يسمح للطالب أن يجمع ويحلّل بيانات المسح بسرعة وسهولة. اضافة الى كلّ ما تمّ ذكره، لا بدّ من الاشارة الى طريقة جديدة مهمّة في متناول يد المعلّم هي أدوات التحكّم من بعيد حيث يضغط كل طالب على حرف أ، ب، ج، أو د، ليجيب عن سؤال طرحه الأستاذ عبر الشاشة الكهربائية. هذه الطريقة تتيح للأستاذ فرصة تقييم درجة استيعاب التلامذة للشرح الذي قام بتقديمه.

ثالثا، يجب تحضير التلميذ وليس فقط الأستاذ بهذا النمط التعليمي الجديد. وكيف يمكن دمج أسلوب حياة التلميذ في هذه المناهج الجديدة؟ يستخدم الطلاب اليوم الإنترنت على مدار الساعة لذا يمكن استغلال هذا الواقع عن طريق إنشاء موقع خاصّ لطلاب الصف والأستاذ حيث يتمّ إنزال كلّ ما يتعلّق بالدرس من صور، مقاطع فيديو، روابط المقالات من مواقع موثوقة تساعد الطالب على فهم الدرس والتعمّق به.

رابعًا، اتّباع الخطوات السّتّ خلال الحصّة المدرسيّة قد يكون طريقًا لنجاح الأستاذ والطالب معًا وبالتالي تحقيق الأهداف التعلّميّة. تكمن الخطوة الأولى في مقدّمة لموضوع الحصّة. قد تنطلق المقدّمة من فكرة عامّة، من قول لأحد الكتّاب، من صورة أو من مقطع فيديو مختصر. ٳن كان الدرس الدرس عن تصنيع النباتات لموادّها العضويّة من خلال مواد أوليّة معدنيّة مثلًا، يمكن البدء من صورة كاريكاتوريّة لطفل يسأل الشجرة كيف تأكل فيبدأ التلاميذ بٳبداء رأيهم. من هنا ينتقل الأستاذ ٳلى المرحلة الثانية وهي الٳطار الكبير للموضوع أي المعلومات الأوليّة التي يجب الٳنطلاق منها للغوص في الموضوع أكثر. مثلًا يمكن عرض أغنيةٍ لها علاقة بمعلومات الدرس أو عرض مقطع فيديو يعطي ٳطارًا عامًّا للموضوع. ثمّ ينتقل الأستاذ ٳلى المرحلة الثالثة وهي الدرس وأهدافه التعليميّة. طبعًا لن يقف الاستاذ قرب اللوح ويشرح تفاصيل صعود المعادن والمياه من التراب الى اوراق الشجرة بل سيحضر الى الصف نماذج حقيقيّة من النباتات، حيث كل نبتة وضعت بظروف مختلفة عن ظروف النبتة الأخرى فتبدأ المقارنة، أو يحضّر بيانات رقميّة لأشجار زُرعت في مكان مظلم وآخر مشمس فيبدأ الطلاب بمناقشة النتائج واستخلاص الكلمات المفتاح والاشكاليّات التي تساهم في ترسيخ الدرس في رأس التلميذ. وبعد كلّ هذه المراحل، تأتي خطوة التقييم الأساسي بعد كل حصّة، فهنا يمكن للأستاذ، كما أسلفنا، استخدام طريقة جهاز التحكّم عن بعد ٳن كان متوفّرًا في المدرسة، أو طريقة تقديم الملخّصات من قبل مجموعات من الطلّاب بعد فترة قصيرة من التحضير. ويصل الأستاذ ٳلى اللحظات الأخيرة من الحصّة حيث يقدّم للطلاب نموذجًا من كيفيّة تطبيق ما تعلّموه في حياتهم خارح المقاعد الدراسيّة؛ مثلًا يستنتجون كيف وأين يزرعون النباتات في بيوتهم بحيث تتوفّر للنبتة شروط حياتها الكاملة. كما يمكن أن يقوم الطلّاب بنشاط، مثلًا زراعة نوع من النباتات في الصفّ.



خَلُصَ الخبراء في التعليم الى نتيجة ايجابيّة بعد التجارب التي قاموا بها حول هذه الطرق لتحديث المناهج الدراسيّة حيث أنّ جامعة ولاية تكساس الأميركيّة وبعد دراسة معمّقة أعلنت أنّ الطلاب يتذكّرون تسعون بالمئة ممّا يقولونه ويتحدّثون به أو ما يقومون به، بينما يتذكرون عشرون بالمئة ممّا يقرؤون أو يسمعون دون مشاركتهم الفعليّة به. من هنا نستنتج أهمّيّة تغيير الأنظمة التعليميّة القديمة في العالم العربي وتحديثها بأسرع ما يمكن لتتناسب مع اجتياح التكنولوجيا السريع لعقولنا وحياتنا اليوميّة. رغم ذلك بعض الجماعات تتريّث بتطوير مناهجها الدراسيّة خوفًا من شبح التكنولوجيا الكاسح على دور الاستاذ في التعليم...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق