المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا
المحور الثاني : طرق لتطوير الأنظمة التعليمية القائمة على الحفظ و التلقين لا على الفكر و التفكير
صاحب المقال الفائز بالمركز العاشر في المحور : تسنيم بنت حمد الراجحي
المقال :
هل لها أن تنتهي ؟؟
مناهجنا الدراسية هي مشكلة أحق بأن توصف بالدوامة ، ليس لصعوبتها فحسب ولكن لذلك التناقض والغموض الغريب الذي يخيم على صفحات كتبنا أيضا .فمنذ اثني عشر سنة وأنا أقرأ وأردد وأحفظ العبارات نفسها التي تشيد بالشباب وكونه محور التنمية وعجلة التطور مهما كانت العبارات طويلة أو قصيرة ومهما كانت الكلمات سهلة أو صعبة ومهما كانت المرحلة العمرية طفل في الصف الأول الابتدائي أو فتى شاب يكاد أن ينهي تعليمه تكون هي العبارات نفسها ،ولكن أيا ترى هل توفر المناهج للطلاب تلك الخبرة التي تؤهلهم لقيادة المجتمع ؟ وهل يكتسب الطلاب في المدارس خبرات يتعلمون من خلالها كيف يواجهون مشاكلهم اليومية ، أقولها لكم وكطالبة تذهب للمدرسة يوميا مع نصف مليون طالب آخر بالطبع لا ، فبالرغم من إدراك الجميع أننا نحن "الشباب" نحمل رسالة المستقبل لنوجه البلاد نحو الأفضل إلا أن مناهجنا للأسف باتت تفتقر لقدرة زرع العزيمة والإصرار في نفوس الطلاب وبدل من أن تشحذ هممهم باتت تزيد من إحباطهم .
لو سلطنا الضوء على الأسباب التي أودت بالمناهج إلى هذه الدرجة لوجدنا جميعا أن المناهج باتت قديمة ولا تناسب طريقة تفكير الشباب ، فما أن يمسك الطالب كتابه يرى أن التصميم الخارجي للكتاب وحده يفتقر للجماليات وتناسق الصور والخطوط بما يتناسب مع مجريات العصر مما يجعل بعض الطلاب يعزفون عن الدراسة بسبب هيكلة الكتاب الخارجية نفسها وأما عن المواضيع المطروحة أجدها ومن منظوري الشخصي لا تمت بأي صلة مما يجب علينا تعلمه طبقا لمرحلتنا العمرية فالقضايا المطروحة في كتاب ( هذا وطني ) على سبيل المثال بلا شك تحتاج إلى تغيير إلى مواضيع يستطيع أن يبدي الطالب فيها رأيه بحرية أكثر ليدرك حقا بأن وطنه يعتمد عليه ليشعر ولو مرة واحدة قبل أن يتخرج بأن عليه بذل الأفضل من أجل أن يرتقي بوطنه ، كما أن أحد الأسباب التي أودت بأهمية مناهجنا هي المادة العلمية المطروحة في الكتب فالمناهج أصبحت تعتمد على الحفظ دون الفهم وهنا تكمن المشكلة فما أهمية حفظنا لدروس لا نجد لها أية أهمية وفوق هذا فنحن لا نتذكر حرفا واحدا منها بعد خروجنا من قاعة الامتحان ؟، ولعل ما يغرقنا في دوامة المناهج أكثر أن بعض الدروس يعجز الطالب من حفظها حتى وكأنها مسألة تعجيزية لا أكثر . أما إن تطرقنا لتلك المناهج التي تم تغييرها سوف نجد فيها أنه تم زيادة المادة العلمية لثلاثة أضعاف مما كانت عليه بالسابق كما حدث لكتاب ( الثقافة الإسلامية ) الذي تم تغييره ليطلق عليه مسمى ( التربية الإسلامية ) ، فقد أصبح على الطالب أن يقضي تلك الساعات الطوال ليتأكد فقط من أنه قد حفظ الاستشهاديات الدينية لاختبار منتصف الفصل ، فتصوروا فقط كم من الوقت يلزمه لكي يحفظها لاختبار نهاية الفصل ؛ أو بعد هذا كله أيلومني لائم إن أطلقت على مشكلتنا المنهجية بالدوامة ؟.
من هذا المنطلق وجدت أنه يجب علينا أن نضع حلول جذرية ، حلول تغير من مستقبل العديد من الطلاب ، فلماذا لا نكون نحن صوت للتنمية وصدى للتغيير نحو الأفضل في الوقت نفسه؟ .
كبداية لخلق التغيير وجدت أنه علينا أن نستبدل الجدران البيضاء والأرضية المنقطة بجدران ذات لون أزرق وأرضية رمادية حيث أن الدراسات الحديثة قد أثبتت أن اللون الأزرق يساعد الطلاب على التركيز ويبعث فيهم الحيوية والنشاط ويمنعهم من التشتت . وأيضا غالبا ما نجد الطلاب يفقدون تركيزهم عند انتهاء الحصة الخامسة وبداية الحصة السادسة لذلك أجد أنه من المهم توفير حصة لأخذ قسطا من الراحة ففيها يستطيع الطلاب أخذ قيلولة لكي يستعيدوا نشاطهم ويستطيعون التركيز من جديد ،أما بالنسبة للمناهج نفسها وكيفية تدريسها نجد أن هنالك العديد من الوسائل والطرق التي تعين الطالب على استيعاب المادة فعلى سبيل المثال يمكننا أن نقوم بعمل حلقة نقاش صغيرة في بداية الحصة حول أي موضوع قد يكون من اختيار الطلاب أو من اختيار المعلم نفسه وأيضا يستطيع المعلم في بداية الحصة من جعل الطالب يقوم بتقديم لعبة أو أن يشرح لهم مهارة جديدة تعلمها أو أي شيء آخر من هذا القبيل على أن يحرص المعلم بأن جميع الطلاب قد حصلوا على دورهم في هذا المشروع كما بإمكان المعلم استعمال شجرة المعرفة ، فشجرة المعرفة عبارة عن مجسم ورقي لشجرة والثمار عبارة عن صناديق فارغة ما على المعلم إلا أن يضع معلومات الدرس داخل الصناديق الصغيرة ويشرح الدرس باستخدام المعلومات الموجودة بداخل الثمار ، وأيضا بإمكان المعلم أن يمكن الطلاب من اختيار طالب يمثل مجموعتهم طوال الدرس وبعد هذا يخبرهم بأننا اليوم سوف نقوم بلعب لعبة السلم والثعبان ويتأكد المعلم بأنه تمكن من صنع حجر نرد كبير ليساعدهم أكثر ، وخلال الدرس عندما تجيب إحدى المجموعات إجابة صحيحة على الطالب الذي يمثل المجموعة أن يتقدم في اللعبة وهكذا حتى تفوز إحدى المجموعات فإنها تتقلد بلقب كنز الفصل وبهذه الطريقة نجد الطلاب قد تمكنوا من التعلم والمرح في الوقت نفسه .كما يمكن للمعلم تخصيص حصة أسبوعية في هذه الحصة يذهب بالطلاب إلى مركز مصادر التعلم ويجعلهم يستخدمون الحواسيب والكتب للبحث والتعلم و الاستقصاء حول موضوع معين وعند انتهاء الحصة يجب على المعلم أن يتأكد بأن جميع الطلاب قد تمكنوا من الحصول على المعلومات الكافية وبعد هذا عليه أن يخبرهم بأن مهمتهم التالية هو إعداد شرح مثير للاهتمام حول الموضوع المطروح على أن يتم اختيار الشرح الأجمل ، كما يمكن للمعلم عند انتهائه من شرح أي درس من المقرر الدراسي أن يكلف طلابه بكتابة مسرحية أو قصة أو إعداد فلم قصير حول الموضوع وبعد اسبوع يتم اختيار العمل الأفضل ليتم تكريم صاحبه وهكذا نجد الطلاب قد تمكنوا من توظيف مواهبهم في المناهج الدراسية مما يتيح لهم الفرصة دائما للتعبير عن رأيهم.
كما أن الأساليب المتبعة التي تتمحور حول العصف الذهني تعد حلا مثاليا ، فمثلا بدلا من استخدام الطرق المعتادة في الشرح يمكن للمعلم أن يقوم بإحضار وسيلة تحتوي على كلمات متقاطعة لكل مجموعة مع إعطاء كل مجموعة ورقة أسئلة والمجموعة التي تجاوب على سؤال ما تحذف الإجابة من وسيلة الكلمات المتقاطعة إلى أن يتمكن أحد الفرق من الحصول على الكلمة السرية التي هي محور الدرس لذلك اليوم ؛ وللتغيير أكثر يمكن للأستاذ أن يلعب مع طلابه لعبة الكنز في باحة المدرسة ، فيحرص على إعطاء كل مجموعة خريطة للكنز على أن تحتوي الخريطة على أماكن توجد فيها أسئلة حول الدرس ويجب على الطلاب الإجابة على السؤال حتى يكملوا بحثهم وحين يستعسر عليهم سؤال ما يذهبون إلى القبطان وهو الأستاذ .
وأيضا بإمكان المعلمين عند الانتهاء من تدريس محور معين أو وحدة معينة أن يأمر الطلاب بإعداد اسئلة حول المواضيع التي يريدون التطرق إليها أكثر أو المواضيع التي تستحق النقاش وبعد ذلك يحضر المعلم شخصا مختصا حول موضوع الوحدة ليكون ضيفا للفصل ليوم واحد ويستطيع الطلاب من خلال ضيافته الحصول على المعلومات التي يحتاجونها .
وكم من الرائع لو قام الأستاذ بتوطيد علاقته مع طلابه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ، فلقد باتت تشكل هذه المواقع جزءا مهما من حياة الإنسان وأصبح بإمكان الفرد الحصول على المعلومات التي يريدها بكبسة زر ، فعلى سبيل المثال بإمكان الأستاذ أن ينشئ مجموعة في هذه المواقع يستطيع من خلالها الحوار مع طلابه بعيدا من الجو المدرسي .
إن الطلاب وكما ذكرت سابقا يحتاجون إلى التغيير في طرق التدريس وبشدة ، ولعل الطرق التي ذكرتها لا تعد حلول مثالية ولكن آمل أن تحدث تغييرا في الواقع المدرسي وفي المناهج الدراسية ، فكيف بالغير أن يتوقع منا الأفضل إن كان ما يقدم لنا ليس بالأفضل على الإطلاق .من يريد التغيير حقا عليه أن يبصم التغيير بنفسه لا أن يقف متذمرا هكذا ينتظر مجهودا من الآخرين فقط ، ولعل الأهم من هذا كله أن تجد أصوات التنمية شخصا يستجيب لها ويأخذ بيدها لترتقي ، فبرقي الأفراد ترتقي لأمم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق