المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا
المحور الرابع : تأثير التكنلوجيا و وسائل الإعلام الحديثة على الفكر
صاحب المقال الفائز بالمركز الثامن في المحور : نعيمة بنت سيف الحضرمية_ سلطنة عمان
المقال :
تأثير التكنولوجيا و وسائل الإعلام الحدِيثة على الفكر
إن مما لا شك فيه أن الفكر الإنساني هو أحد البذور التي يجب على الفرد منا أن يمدها بالغذاء المُناسب لكي تنمو بالشكل الصحيح , ومع تسارع الأحداث و التطورات التي نشهدها في عصرنا الحالي نجد هناك العديد من المُدخلات التي لم نعهدها من قبل , ف الفكر الإنساني قديما كان يتغذى من الأخبار المتداولة بين الشعوب و التي تتناقلها الألسن من شخص إلى آخر ومن مُفكر إلى غيره , وبعدها بدأت الثورة الأدبية و الفكرية بالنضوج وهو ما أدى إلى خلق فكرة جديدة تتسم بالإبداع من شأنها حفظ الأخبار و العلوم و الأفكار التي كانت تتناقل بين الأشخاص , حيث كانت الفكرة تتلخص في تأليف الكتب التي من خلالها استطاع أجدادنا و مُفكرونا حفظ مختلف العلوم من خلالها , مما أسهم في تغذية الفكر الإنساني على مر العصور , و اليوم نشهد تطوراً هائلاً في هذا المجال , حيث ظهرت العديد من المُدخلات التي ساهمت بشكل كبير في تغيير توجهات الفكر الانساني من ضمنها التكنولوجيا و وسائل الإعلام المُختلفة كالتلفاز و الراديو وغيرها والتي لها العديد من الآثار على الفكر الإنساني .
- تأثير التكنولوجيا على الفكر :
إن للتكنولوجيا الحديثة عظيم الأثر على الفكر ,ف التكنولوجيا باختلاف أنواعها تنقلنا عبرها إلى عالم مزدحم بالأفكار المختلفة ,والمعلومات المُتجددة , والخبرات المتبادلة , والجدير بالذكر أن معظمنا أصبح يقبع أمام جهازه لساعات طويلة مُتنقِلاً من موضوع لآخر,ومن برنامج لبرنامج,إلا أنه لا نخفيك سِراً أيُها القارئ الكريم أن هذه التكنولوجيا سلاح ذو حدين , حيث أنه مثلما لها جوانب إيجابية و أنها تعرض العديد من المواضيع الإيجابية و التي تعود بالنفع على الفكر الإنساني , إلا أنها كذلك تطرح مواضيع أُخرى تَتسِم بالسلبية , والتي تُسمم عقولنا و فِكرنا الإنساني ,و اليوم مُعظمنا إذا لم نكن جميعا نستخدم التكنولوجيا بشكل يومي و على مدار الساعة , ف جهاز الحاسب الآلي و الهاتف المحمول و الآي باد وغيرها من الأجهزة الإلكترونية التي تحوي العديد من البرامج المُختلفة ك الواتس آب و الفيس بوك و الإنستجرام و تويتر...إلخ تنقل لنا العديد من الأخبار و العلوم ,إلا أن المُستخدم لهذه التكنولوجيا قد يستخدمها بطريقة سلبية , ف حاليا نشهد انتشار الشائعات في أوساطنا الاجتماعية والتي غالبا ما تخلو من الصحة ,وبمعنى آخر تزييف للحقائق و تشويه للواقع وتزوير للأخبار , كما أن الصغير و الكبير يستخدم هذه الأجهزة الإلكترونية ,و للأسف الشديد العديد من المُستخدمين أخص بالذكر منهم صغار السن و التي تتراوح أعمارهم بين السادسة و الخامسة عشر لا تتُم مُراقبتهم من قِبَل الآباء و الأمهات , مِما يجعلُهُم عرضة للعديد من المواضيع السلبية و التي تنشر سمها بطريقة غير مُباشرة و تلف فِكر أبنائنا وتُلوثه مُنذ الصغر , حتى إذا ما تشبعت أذهانهم بها تموت عُقولهم و يمُوت معها الفكر , كما أن العديد من المعلومات و التي يتم نشرها عبر الأجهزة الإلكترونية تكون خالية من الصحة و يكون الكاتب لها أو الناشر مجهول الهوية , ف نقوم بتلقينها لعقولنا والتي بدورها ستملأ المستوعب الفكري لدينا بالأخبار و العلوم الكاذبة , ف يُصبح فكرنا إناء فارغ , وبالتالي نكون قد أضعنا وقتنا هباء منثورا و لوثنا فِكرنا بما لا ينفع , في الجانب الآخر يجب علينا أن لا ننكر فضل هذه التكنولوجيا علينا فقد سهلت و يسرت لنا الوصول للمعلومة ,كما أن التكنولوجيا تحوي مُختلف العلوم ,ومن السهل علينا ملأ الوعاء الفكري بالمعلومات القيمة و الثمينة و التي قد لا تكون متوفرة بين أيدينا , و لا في المكتبات العامة ,كما أن التكنولوجيا المُختلفة تستوعب العديد من المجالات و تُغذي الفكر الإنساني بشتى اهتماماته سواء كانت الأدبية أو العلمية أو الفنية...إلخ.
لذلك نجد أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين ,فقد تبني الفكر وترفعه للسماء ,أو تهدمه و ترميه في القاع ,فمن الواجب علينا أن نختار وبعناية الأمور الإيجابية التي توفرها التكنولوجيا ,ويجب علينا أن نحرص كل الحرص على ملأ مستوعبنا الفكري بالشكل السليم ,ف بالفكر تنهض الأُمم وتُبنى الحضارات.
- تأثير وسائل الإعلام الحدِيثة على الفكر:
مع تعدد الإصدارات و الأفكار والابتكارات ظهرت معها العديد من الوسائل و الإسهامات التي بَدَت آثارها واضحة وجلية على الفكر الإنساني ,من هذه التطورات والابتكارات : وسائل الإعلام المتنوعة ومن الأمثلة عليها : التلفاز و الراديو و الصحيفة ...إلخ ,إن لوسائل الإعلام دور بارز وفعال في خدمة الفكر الإنساني ,حيث تمده بالمعلومات القيمة والمُفيدة ,فالتلفاز ينقلنا عبر مُختلف العوالم و البُلدان والحضارات ويجعلنا نعيش تجارب الآخرين وإنجازاتهم ,ف عن طريق الصور المُتحركة و الفيديوهات التي يعرضها نُسافر ونُحلق معهم ,ويمُد لفكرنا الإنساني تجربة تحويل المعلومات التي نسمع عنها و نقرأها لواقع ملموس نراه بأُم أعيُننا معروض عبر شاشات التلفاز مُختلفة الأحجام و الأنواع .
ننتقل الآن للراديو و الذي يُعتبر الأنيس للعديد منا مُستخدمي الطرق و المُسافرين و المتنقلين ,حيث أن العديد منا يقوم باجتياز مسافات طويلة فيعتمد على الراديو في إنجاز مهمة تغذية فِكره من خلال مُختلف البرامج المطروحة عبر الراديو ,والتي غالبا ما تكون منقولة من قلب الحدث ,فيُغذي الإنسان فكره من خلال المواضيع التي تناقشها البرامج الإذاعية ,كما أن للإذاعة دور مهم في نقل أخبار الأمم و الدول المُجاورة ,وتحوي العديد من القنوات الإذاعية منها الإخبارية و الثقافية و غيرها ,أي تُوفر ما يُوفره غيرها من وسائل الإعلام ,و إذا ما نظرنا للصحف المحلية و العالمية نجد أنها تمُدنا بمختلف الأخبار التي تدور حول العالم وبشكل يومي و على مدار الساعة ,حتى أصبح الفرد منا لا يستطيع أن يستغني عن الصحيفة في اليوم.
نجد في الجانب الآخر دخول العديد من الثقافات و العادات التي لم نعهدها من قبل علينا من خلال وسائل الإعلام المُختلفة ,والتي نرى معالمها شاخصة أمام أبصارنا ,ومُعظم هذه العادات دخيلة علينا بشكل سلبي ,وتتضح سلبيتها في التقليد الأعمى الذي نراه يغزو فِكر أبنائنا الصغار منهم و الكبار ,والسبب يعود إلى مُنتجي هذه القنوات الفضائية منها و الإذاعية وكذلك الصحفية ,بحيث أصبح همهم الكبير الدخل المادي ولو كان هذا على حساب أبنائهم وشبابهم ,ف نرى العديد من المسلسلات الخليعة و التي تُؤثر سلبا على الفكر الإنساني ف يُصبح يرى الأمور من منحنى آخر ,مُنحنى يتسم بالهمجية و انعدام القيم و الأخلاق ,ف نرى فكرنا يتسمم بشكل بطيء إلى أن يموت ,ف العديد من وسائل الإعلام تَتسِم برامجها المطروحة بضعف الرسالة المُوجهة للعقول الإنسانية ,وركاكة الفكرة التي يدور حولها البرنامج ,ونرى العديد منا مُدمن على هذه الوسائل ويقضي العديد من الساعات أمام شاشة التلفاز و هو غير واعي لما يفعله ,فيتغذى فكره بطريقة خاطئة ,ويقوم بتوجيه فكره بطريقة غير بناءة ,أي هدامة للفكر وللعقل ,ف يصبح المُستوعب الفكري غير صالح للاستخدام ,ف جميع ما اكتسبه من عادات و مُعتقدات و أفكار تكون مُعظمها خاطئة وغير قادرة على مواجهة تحديات عصر السرعة التي نعايشه في وقتنا الحالي.
في الختام وجب علينا الإشارة إلى أهمية إمداد الفكر بالغذاء السليم الذي من خلاله يستطيع أن يَقِف شامخا أمام جبال التحديات التي نراها حاضرة وبقوة في وقتنا ,وعلينا أن نختار وبعناية ما يساعد على تطوير فكرنا الإنساني وانتقاء الصالح من المعلومات و الأخبار المُتداولة عبر التكنولوجيا و وسائل الإعلام الحديثة ,لكي نُساهم في بناء الحضارات و النهوض بأوطاننا ,فكما نحب أن تتوفر لنا سُبل الراحة يجب علينا كذلك البذل والعطاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق