المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرا
المحور الرابع : تأثير التكنلوجيا و وسائل الإعلام الحديثة على الفكر
صاحب المقال الفائز بالمركز السادس في المحور : خولة بنت علي الخنبشية_ سلطنة عمان
المقال :
"أثر وسائل التكنولوجيا والإعلام على فكر الإنسان"
الإنسان مدني بطبعه , , لذا فوجود الإتصال والتفاعل الإجتماعي بين بني البشر أمر لا بد منه ,خصوصا وأن الحياة البشرية بأكملها قائمة على العلاقات الإنسانية بمختلف مجالاتها (الأسرية , المهنية , الفكرية ,السياسية والدينية)
ولكن مع تطور الإنسان, وظهور المتغيرات كان لا بد من مواكبة متطلبات العصر والتماشي مع ظروفه وذلك بتطوير وسائل التعبير والإتصال والنهوض بها , فأصبحنا نشهد اليوم ظهور ما يسمى بوسائل التكنولوجيا والإعلام المتعددة , والتي كانت قضية العصر حيث اعتبرها الكثيرون مرحلة انتقالية حاسمة في حياة البشرية فمن خلالها رفعت الحواجز وتقاربت المسافات , وألغيت الحدود لدرجة أن العالم أصبح بمثابة قرية صغيرة أو كما عبر عنها مارشال مكلوهان " القرية العالمية".وصاحب ظهورها تفاعل وتداخل شديد بين مختلف الثقافات والأفكار. وقد ذكر جودت هوشيار في مقاله بأن هذا التغير المستمر لوسائل الاعلام تحت ضغط ثورة تكنولوجيا المعلومات، لم يؤثرفي طرق الحصول على المعلومات فحسب ، بل في عملية التفكير أيضاً, فذكر أن اختراع آلة الطباعة سنة 1450م، من قبل يوهان غوتنبرغ غير من أسلوب تفكير المجتمع بأسره. وأجبرالناس ولأول مرة في التركيز على افكار محددة.
فكيف اليوم ونحن نشهد هذا التنوع الكبير في وسائل الإعلام ؟!!.لا عجب بأن التأثير سيكون أكبر حينها.
مفهوم التكنولوجيا:
تعرف التكنولوجيا بشكل عام على أنها :مجموعة المعارف والخبرة المتراكمة والوسائل المادية والتنظيمية التي يستخدمها الإنسان لأداء عمل ما أو وظيفة ما في مجال حياته اليومية لإشباع الحاجات المادية والمعنوية, أما تكنولوجيا الإتصال والمعلومات فهو ذلك الإندماج بين تكنولوجيا الحاسوب الاليكتروني والتكنولوجيا السلكية واللاسلكية , الإليكترونيات الدقيقة والوسائط ذات القدرة الفائقة على إنتاج المعلومات , جمعها, تخزينها , معالجتها , نشرها واسترجاعها بأسلوب يعتمد على النص , الصوت , الصورة و,الحركة وغيرها من مؤثرات الإتصال التفاعلي الجماهيري والشخصي معا.
وتتعدد وسائل التكنولوجيا والإعلام لتشمل : التلفاز , شبكة المعلومات (الإنترنت) الحاسوب الاليكتروني , الأقمار الصناعية,الصحافة الإلكترونية وغيرها. فاليوم أصبح المستخدم قادرا على القيام بأكثر من مهمة في آن واحد باستخدام الكومبيوتر والأجهزة الذكية سواء كتابة نصوص ،إجراء حوارات عبر مواقع الدردشة في الفيسبوك، تبادل الرسائل عبرالإيميل، وقراءة آخر المستجدات في التويتر. ومثلما أوردت نتائج استطلاع الرأي لـ"جمعية الوداد للتأهيل المجتمعي أن وسائل الإعلام والتكنولوجيا هي العامل الأكثر تأثيرا على توجهات الشباب وآرائهم (نسبة 51.8%) , ولكن وللأسف الشديد صاحب هذا تراجع في قدرتنا على الإنتباه ,التركيز والتحليل ، وبتنا نعيش في العالم الإفتراضي وقضاء ساعات طويلة في تصفح المواقع الإلكترونية وهذا ما حد من رغبتنا في قراءة الكتب االمفيدة وتأمل مضمونها .
الثقافة والإعلام:
أصبح من المهم دراسة العلاقة بين الثقافة والتكنولوجيا , وعندما نتحدث عن الثقافة فنحن نقصد " الخدمة الثقافية التي تحتوي على فكر وموقف من الإنسان ومجتمعه وبلورة لشخصية معينة للمجتمع تعبر عنه هذه الثقافة".ومثلما يقول الكاتب إدوارد سعيد "بأن ثقافة الشعوب تتمثل في إنتاجها الفكري".ولهذا دعت الأمم المتحدة إلى عقد المؤتمرات الدولية بشأن السياسات الثقافية والإعلامية,حيث أكد مؤتمر عالمي باليونسكو (1982م) إلى أهمية الانتباه إلى الدور المتعاظم الذي تشكله وسائل الإتصال التفاعلية في تكوين الرأى العام ونشر الثقافة ، وذكر المؤتمر بأن وسائل الإعلام توفر إمكانات جديدة لزيادة انتفاع الجماهير بالقيم الثقافية ، واشتراكها الفعال في حياة المجتمع , (حسين أبو شنب ، 1999 ، 33).كما أكد على أن وظائف الإعلام تتكامل مع وظائف الثقافة, وبأن الإعلام وسيلة بينما الثقافة غاية ومن هنا لابد أن تخضع الوسيلة للغاية.
أتفق تماما مع ما ذكر في المؤتمر , ولكن على المستخدم أن يعي بأنه يتعامل مع سلاح ذو حدين وبالتالي فالعلاقة التي تنشأ بين الإعلام وبين فكر المستخدم قد تكون إيجابية أو سلبية وهذا يعتمد على استخدام الفرد ومدى تأثره بما يقدم على هويته الفكرية والثقافية.
لا ننكر بأن الإعلام قد يكون وسيلة مهمة لنقل ثقافة رفيعة وغرس قيم على المستخدم خصوصا من خلال البرامج الهادفة , فالإعلام بات يزود ثقافة الفرد بالأخبار , المعلومات والحقائق التي تقدم في صيغ عدة .ومثلما يقال أصبح الإعلام مرآة للثقافة ولكن في نفس الوقت يعتمد عليها فلا يرتقي الإعلام أو ينضج دون وجود ثقافة ومعرفة.
وقد أكد تقرير ماكبر ايد أنه من خلال المادة التي تقدمها بعض وسائل التكنولوجيا والإعلام قد تساهم في دعم موقف , تعزيز ونشر نمط سلوكي معين ,تطبيق سياسات ثقافية معينة. بل أن الإعلام اعتبر من الوسائل النافعة لتعليم الكبار والصغار حيث استخدمته الكثير من الجامعات , المدارس ورياض الأطفال في إعداد برامج تعليمية تغطي معظم نواحي الحياة كالبرامج الثقافية ، الإجتماعية للأسر و الأفراد ، بالإضافة لبرامج الهواة و الفنون .ومنها ما ساهم في توضيح أسلوب الحياة الصحيح من تناول الغذاء الصحي ,ممارسة الرياضة وغيرها.
ولكن بالنسبة للزاوية الأخرى سنجد بأن وسائل التكنولوجيا والإعلام أحدثت منعطفات سلبية عدة تمثلت في غرس بعض الأفكار الخاطئة والغير لائقة خصوصا من خلال ما قدمته بعض برامج التلفاز ومقاطع الإنترنت واليوتيوب من برامج هابطة لا تتناسب مع هوية المسلم العربي والتي تسببت في انحراف البعض منهم, بل أصيب البعض منهم بحالة التغرب والتقليد الأعمى وبات يقلد ما يراه أو يسمعه من غير قيد أو شرط. غير ذلك التلاعب بفكر الإنسان من خلال بعض الشائعات أوالمشاهد التي صورت للمشاهد بأن ارتداء الحجاب يعني التخلف والرجعية , والإلتحاء بالنسبة للرجل دلالة على الإرهاب والتطرف والمسلم الذي يدافع عن وطنه هو شخص متطرف وعدواني. وغيرها من الأفكار والمبادئ التي أصبحنا نراها بأعين الإعلام المزيفة لا بأعيننا , ومثلما يقول البعض أصبح عقل الإنسان يبرمج مثلما يريد الإعلام. فأصبح ما يبث يؤثر في عقول الناس و نفوسهم ، و من ثم في توجهاتهم وأفكارهم ، و بالتالي في مواقفهم وأفعالهم. وربما كان الطفل الأكثر تأثرا بهذا , فما يشاهده من أفعال الشر , العنف , الجنس, الضرب ,الإغتصاب والسرقة بات يظهر في أقواله وتصرفاته فورا ,أو يتراكم بداخله حتى يصل لمرحلة المراهقة فيظهر جليا في أخلاقه , تصوراته وسلوكه. ولأن الطفل لا يدرك أن معظم ما يقدم غير واقعي ويصاحبه الكثير من الخدع البصرية والسمعية , يتوصل لقناعة شخصية وهو أن ما يشاهده جزء حقيقي من السلوك الإنساني أو الاجتماعي..وهذا ما قد يشوش من فكر الطفل و يؤثر في نموه النفسي والعقلي .
يقال بأن تنوع وسائل التكنولوجيا أنقصت من إبداع , تخيلات وتصورات المستخدمين, والذي كان يتحقق من خلال النص المكتوب في الكتب والصحف , حيث كان القارئ يغرق في عالم المؤلف و يتأمل أفكاره ويحللها ولكن باعتمادنا اليوم على الوسائل الإلكترونية جعلنا نأخذ ما نسمعه ونراه كحقيقة مسلم بها لا تحتاج لتفكير أو تخيل. ونكتفي بتلقي المعلومات على نحو سريع وسطحي. حتى في مجال الصحافة الإلكترونية لوحظ بأن عنصر الإبداع والابتكار للصحفي قد تراجع بسبب الاعتماد على التقنية الإلكترونية.
حتى فيما يتعلق بالنطق أثبتت الكثير من الدراسات أن التلفاز والوسائل الأخرى قد تؤدي إلى تأخر النطق واضطراب اللغة لدى الطفل, ناهيك عن العادات السيئة التي يغرسها الإدمان على هذه الوسائل إذ يتوقع الكثيرون بأن زيارات الأهل قد تنقرض مستقبلا ويحل محلها التواصل بوسائل الاتصال الحديثة بسبب الغزو الفكري من قبل التكنولوجيا.
فيما يخص المادة الإعلانية والتي أصبحت من وسائل التكنولوجيا والإعلام , فتقنية الخدع البصرية والسمعية المستخدمة بعثت الكثير من الرسائل التي تجاوزت حدود الإدراك والمصداقية وأثرت على سلوك المستهلك دون وعيه بذلك.
.ومثال على ذلك ما نشرته إحدى شركات التبغ و الكحول لعرقلة المدمنين من إلإقلاع عن الكحول , إذا اتضح بأن معظم من يحاولون التوقف عن شرب الكحول يعانون من أعراض كرؤية الكوابيس المفزعة جداً كالجماجم بالشرية والحيوانات المخيفة.وهذا ما دفع شركات الكحول لاستغلال ذلك بإدماج صور الجماجم و المخلوقات المفزعة ضمن وسائل إعلاناتها لإثارة هذه المخاوف وعرقلة كل من يحاول التوقف عن شرب الكحول. ومثال آخر ما ورد في مجلة " تايم " في عدد 30/6/1990م حول قضية الشابين المراهقين اللذان أقدما على الانتحار بعد سماعهما لشريطا غنائيا يحتوي على رسائل إيحائية تحث على الانتحار.
إذا فوسائل التكنولوجيا والإعلام تلعب دوراً مهماً في حياة الأمم و الشعوب ولا يمكن الهروب من تأثيرها سواء كان تأثيرا ، سلبيا أو إيجابيا ، و يظل الإعلام المعاصر بتقنياته المتطورة و المختلفة رمزاً ومعلما للتحضر والتقدم بين الأمم ، فبه تستطيع الأمة أن تتباهى بمنجزاتها وهويتها ، كما تفتح لها أبواب المعرفة و سبل الاتصال بين شعوب العالم . فاليوم من الصعب العيش بمعزل عن شبكة الإنترنت، التي اقتحمت كل مجالات الحياة و أصبحت النافذة التي يطل منها الإنسان المعاصر على ما يحدث في العالم من حوله في شتى المجالات الفكرية ,العلمية ,الثقافية , السياسية والأجتماعية.
ولكن يبقى المستخدم الذكي من يجيد استخدام هذه الوسائل بالشكل الذي يجعله يأخذ بالإيجابي منها ويبتعد عن السلبي. وأهمها حماية نفسه من الغزو الفكري والثقافي , التقليد الأعمى الذي قد تسببه هذه الوسائل, وذلك للحفاظ على هويته العربية الإسلامية والوطنية.
المصادر المستخدمة:
1- http://sst5.com/readArticle.aspx?ArtID=860&SecID=70
2 (400http://www.shafaaq.com/sh2/index.php/articles/66523-2013-10-28-10-02-11.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق