الاثنين، 7 أبريل 2014

المحور الرابع ، الفائز بالمركز الثالث

المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا




المحور الرابع : تأثير التكنلوجيا و وسائل الإعلام الحديثة على الفكر.

صاحب المقال الفائز بالمركز الثالث في المحور : زينب بنت عبدالله التوبية_ سلطنة عمان




المقال:
مرّ فلانٌ و أثّر




بصرفِ النّظرِ عن مدَى إيمانكَ ببرامجِ التّواصل الاجتِماعيِّ، قِف لِلحظةٍ وتأمّل هذا المُجتمعِ الجديدِ النّاتج من تلكَ الوسائل الحَديثة، والتّي استولَت على النّاس؛ لتشاطرهُم أفكارَهم في قعرِ بيوتِهم!

كأنّ الدُنيا أصبحتْ محصُورَة في وسائلِ الإعلامِ الحديث وَ مِن أهمّها برامج التواصلِ الاجتماعيّ، حيثُ تعدُّ مصدراً مهمًا لحياةٍ عميقةِ الفكر والعَطاء في مُجتمعاتِنا. فهي ذات أثرٍ بالغ على المُستقْبِل أو المُتلقّي بمُختلفِ مراحلِهم العُمريّة، وَ أخصّ بالذكر الشباب لتباينِ اهتماماتِهم، وَ تنوّعها، و اختلافِ مستوياتِهم الثقافيّة وَ الفكريّة وَ الاجتماعيّة هناكَ مجموعَة من البرامجِ مثل تويتر، الفيس بوك، وَ الانستقرام، التّي تمّ استخدامُها كوسيلةٍ إعلاميةٍ جديدة في التواصلِ الاجتماعيّ وَ التعارفِ عن طريقِ تبادلِ النّصوص المكتُوبة، وَ الصّور والتعليقاتِ عليها. وَ أصبح الشاب العربيّ مرسخًا جُلَّ اهتمامِه على هذهِ البرامج؛ فهوَ يُوفّرُ جهدَه وَ وقتَهُ فِي إثراءِ مخزونِه الاجتماعي وَ الفكري فِي نفسِ الوقتِ الذي يَسير فيه على الطّريق، وَ يستمتع بالمَناظر الجميلة. هكذا بدأنَا؛ لندخلَ في التواصلِ الرّقمي، ولكن ما الذّي حدث؟!! مَا بين غمضةِ عينٍ وَ انتباهتِها أصبَحتْ هذه البرَامجَ ساحةً هيجَاء، حيثُ تنقلُ لنَا الحدثَ من مِوقعه؛ ليُترجمَ باللغة الافترَاضيةِ؛ فنتشاركهُ سويّة!

الكمُّ الزّاخر الذي حَفِلَت به وسائلُ الإعلامِ والتواصلِ الحديثة في الأحياءِ العربيّة جعلَ شبابَها أكثرَ إثارة؛ فانطلقُوا يتشاركونَ فيما بينِهم عن حياتِهم الدّينية، وَ الفكرية، وَ الاجتماعيةِ أيضًا. هل حقًا صنَعت برامج التّواصل الاجتمَاعي مجتمعًا عربيًا ذا توجهاتٍ جديدَة؟! أمْ أنّه غيّرَت العرب؛ فكشفَت حياتَهم المَستورة؟! هل لمثلِ هذه الوسائل الإعلاميّة الحَديثة القدرَة على تحقيقِ الوحدَة الفكريّة فِي مُجتمعاتِنا؟! هل هِي صرعَة فِي عالم المُوضة؛ فيذهبُ زمانَها يومًا ما؟! أمْ أنّها الخطوة المُشرقة لعالمٍ آتٍ لا نعلمُ عنه بعد؟!



لقدْ جعلت وَسائل الإعلامِ الجديد عالمَنا كقريةٍ صغيرةٍ، بل إنّها وَضعتْ العالم بيْن أيادِينا! هذا الانفتاح الذّي يَهوي بكل معلومةٍ وَ حدثٍ فِي جُيوبِنا يفرضُ عليْنا تحديًا كبيرًا. ففي مثلِ هذه البرامج قدْ خُلعَ حجابُ الحريّة الذّي لبسته الشعوبُ العربيّة لفترةٍ ليستْ بهيّنَة من الزمنِ؛ ليتحوّلوا إلى ساحةٍ فتحتْ مِصراعيْها للجدَل الاجتماعيّ وَ الثقافِي؛ فتارةً يكونُ حوارًا، وتارةً أخرَى مُواجهة!! وَ فيها أيضًا نُفِيَتْ البروتوكولات الرّسميَة؛ ليأخذَ الكبيرَ والصغيرَ أريحيّتِه فيمَا يطرَح، وانتقلَتْ أحياءُ البيوتِ العربيّة برائحةِ الطينِ العَتيق إلى عالمِ الإعلامِ والتواصلِ الاجتماعِي الجَديد بكبسةِ زر.

وبكبسةٍ زر أعادتْ شبكاتُ التواصلِ الاجتماعيّ وعيَ الضميرَ العربيّ، وباحَ بمكنوناتِ المكتومِ وأخرجهَا مِن قعرِه. قد يعتبرُ البعضُ أنَّ الجلوسَ أمامَ شاشةٍ صغيرَة من أجلِ هذهِ البرامج هوَ ليسَ إلا مضيعةً للوقت، ليسَ كلّ ما يضيعُ الوقتُ في نظركَ سيظلّ مضيعةً للوقتِ دائمًا وَ أبدًا! وَ قِس أنتَ على ذلكَ في هدفِ استخدامكَ لها شخصيًا. لقدْ أخرجَ لنا (تويتر، انستقرام، ...الخ) جنودًا فكريّة شبابيّة لم نكُن نجدُها بمجرد انضامِها لأكاديميّة تُؤهلُها لذلك، ولمْ نجدُها سالفًا في مجالسِ حاراتِنا، ولهذهِ البرامج الفضلَ في كشفِ صحفِ شبابِنا والأقلام، واسقاطِ الخجلِ بعيدًا عنِ اللُثام.



مُجمّع شَباب عربي!

إن وسائلَ التواصل والإعلامِ الحديثة منَحتْ ثقةً كبيرةً في نفوسِ شبابِنا العربيّ، وَ جعلتْ منهُم منابرًا مِن نور؛ فيُضيئُون ساحاتٍ شاسِعَة بأفكارِهم، وَ مشاريعِهم أيضًا. إنّ مثل هذهِ البرامج هِي في نظرِ الشبابِ وسيلةً للنداءِ وَ لتفجيرِ طاقاتِهم؛ ليُوجهها المَعنيّين فِي مسارِها السّالك الصّحيح، حيثِ أصبَحت جزءًا لا يتجزّأ مِن حياتِهم اليَوميّة، يطرحونَ فيها ما قدْ يشغلُ بالَهم، وما تجودُ بهِ عطاءاتِهم. هؤلاءِ الشّباب أظهرِوا ما ننبهرَ به مِن الإبداعِ والفنونِ مُتَحدّين حدودَ الزمانِ والمكان، نعم، هُم الإلهامِ الذّي نحتاجَه بشدّة، فلا ننتظرُ لقاءًا تلفزيونيًا، أو برنامجًا للمواهبِ لنرَى بصيصَ الأملِ الذي تحتاجُه مَواهبِنا.

إنّ المِبدعينَ الشبابَ الذينَ يسعوْنَ مِن خلالِ شبكاتِ التّواصل الاجتمَاعي هم في نضالٍ وجهادٍ عارِم؛ فهم يعرفونَ قيمَة ما يِبدعونَ فيه ويفقهونَ حاجتَه وجدوَاه، كما يؤمنُون أنّ التخفِي لنَ يتيحَ لهمْ فرصَة إبرازِ عطاءِهم وَ إبداعِهم، إنمَا التخفِي لا يُوجِدِ إلا الاِتّكالي الذي ينتظرُ فرصتَه على طبقٍ مِن ذهب!

وستجدُ أيضًا الشابَّ العربيّ الذّي يستحثُنا لتغييرٍ أفضل؛ فيبحثُ عن ماضٍ عربيّ خيفةً وتوجسًا من أنَ يندَثِر بفعلِ الحدَاثةِ وَ التجديد، وَ يَعيشُ واقعَه بسُعدِهِ وَألمِه دونَ خذلان أو تهاون؛ فيصنع لهُ مع من حوله ذكرياتٍ للمُستقبلِ وذكرَى، هو فِي علمِ الغيبِ بالأحرَى.

لمْ تعُد هذهِ البرامجَ مجردَ أداةٍ للتعارفِ والتواصل؛ بل تعدّت لتنتقلَ من مرحلةِ الأهميّة إلى مرحلةِ الضرورةِ لعرضِ نتاجِهم الفنّي والفكري؛ فيتمكنُ الجميعُ مِن مشاهدتِه خلفَ شاشةٍ ساطعة بينَ أيدِينا قد لا يتجاوَز قطرها الأربعَ بورصَات، أو زِد عليها قليلاً!



هُناكَ لكن!



بالرغمِ أنّ وسائلَ الإعلامِ الحديثة، و شبكاتِ التواصلِ الاجتماعيّ قد كسرتْ الحواجزَ بينَ كافّة الشعوبِ العربيّة، و لمْ تعُد تُلقي بالاً على أعمارِهم وَ طبقاتِهم؛ بلْ عنَت بثقافاتِهم وَ أفكارِهم، إلا أنّ هذا النور مشوبٌ بالكثيرِ من التشنجاتِ التّي تستوجبُ الحذرَ! وقولي هذا ليس بالجديد، لكنّنا نأخذُ بهِ لنتجنّب ما يُوجبَ الحيطةَ والحَذر؛ فنحنُ بحاجةٍ إلى ما يُسمّى بـ "التلاقحِ الفكري" حيثُ لا سيادة على الغير؛ فيصنعُ -بكل حُب- حواراً واسعًا مُتضمنًا تبادَل الأفكارِ وَ مظاهرَ الحياةِ السلميّة، وَ مُتشعبًا بين المُجتمعِ العربيّ ذاته، وَ بين العربِ والعالم أجمَع.

إنّنا نُؤمِن أنّ وسائلَ التواصلِ الجديدَة مليئة بالسلبيّات المرفوضَة، وَ التّي قد تُحدِثُ فوضَى عارمَة بينَ الشباب، مثلا، نحنُ نتعايشُ في عصرٍ جُعِلتْ مبادُؤه الرّفيعة على شفَى شفيرٍ سَحيق، قدْ تصبحُ الأخلاقُ -يومًا- نادرَة التّطبيق بسببِ انسلاخ البعض مِن أخلاقِهم عن طريقِ استغلالِهم خاصيّة "عدَم انكشافِ الهويّة" في الشبكاتِ الاجتماعيّة للتواصل.



نَعم، هناكَ "لكن" كثيرات، و لكن! مَا كُتِبَ هذا المَقال إلا بحروفٍ مُتفائلَة عربيّة..!

مُجتمعُنا العربِي "يحتاجُ إلى هزّةٍ وَ رجّة" هكذَا نطقَ بها لسانُ المفكر شبلي شميل؛ فالحريةُ في برامجِ التواصلِ الاجتماعي الحديثَة بلا حسيبٍ، ولا رَقيب. مِن المُهم جدًا أن نُدركَ حقّ الإدراكِ خياراتِنا المُتاحة لنا على هذه الوسائلِ وَ البرامجَ الحَديثة في مجالاتِها المختلفة سواءَ في التعارفِ وَ التّواصل، أو في النّقاشاتِ الفكريّة معَ الغير، أو حتّى من أجلِ المتعةِ فقط. معرفتنا بتلكَ الخياراتِ سيمنحُنا الفرصَة في النمو الفكري وَ الاجتماعِي بالإيجاب وبشكلٍ متسارعٍ كسرعةِ التطورِ التكنولوجي الهائِل وَ الذي لا يعرف للتّأني عُنواناً. وَ رغمَ أنّ هذا سيصبحَ حملاً ثقيلا على عقولِنا لإيجاد الرقيب الذاتـِي أثناءِ استخدامِنا لهذه الوسائل وَ البرامج بحريّة تامّة، إلا أنّه "لا بدّ مَا ليسَ منهُ بدّ" ؛ فقد أصبحتْ الوسائل الإعلاميّة الحديثَة تستدعِي الرّقيب الذاتِي للمُحافظة على الفكر حيًا.

و مثلُ هذه البرامج وَ الوسائل الإعلاميّة المُتجددة استوضحَتْ مُبتَغى الشابّ العربي فِي التغييِر للأفضل؛ فقد فكّوا حروزَ مكنوناتِهم، و أطلقُوا العنانَ لإبداعاتِهم وَ عطاءاتِهم رغمَ كلّ المحاذير التّي ملأتْ الشبكات الاجتماعيّة. هم -حقًا- أثبتُوا أنّ هذهِ البرامَج بمثابةِ ساحة للتغيير وَ التأثير؛ فرغبتهم جامحَة من أجلِ التغيير. شبابُنا العربيّ هم الصّورَة العربيّة الأقرَب فِي برامجِ التواصل الاجتماعِي أمامَ الشعوبِ الأخرَى، وَ أنا على يقينٍ بأنكَ -قارئي العزيز- أحدَهم مهما كانَ عمرك، أنتَ من سيكون له الأثر؛ ليُقال: مرَّ وَ أثّر.



نَعم، غيّرت شبكاتُ التواصلِ الاجتماعِي فِي حياةِ العَرَب، لكنّ العرَب لا زالوُا في باطِنهم -بكل فخر- عَربيّين!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق