المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا
المحور الرابع : تأثير التكنلوجيا و وسائل الإعلام الحديثة على الفكر
صاحب المقال : آلاء بنت هلال الجابرية
المقال :
تأثير التكنلوجيا و وسائل الاعلام الحديثة على الفكر
المقدمة:
أزمة الفكر هي من أهم الأزمات التي تعصف بالأمة و هي أساس جميع الأزمات التي تعاني منها أمتنا الاسلامية و العربية، فهناك زخم هائل من المعلومات تنهال علينا ليل نهار عن طريق وسائل الاعلام المرئية و المسموعة و نحن اللذين تركنا لها عقولنا بلا حراسة و لا رقابة، فكيف يؤثر هذا على فكر الفرد؟. يقول الدكتور وليد فتيحي: إن المعركة الحقيقية التي تواجه أي أمة في أي حقبة زمنية ليست معركة احتلال أرض إنما هي معركة احتلال فكر و عقل هي ليست احلال شعب مكان شعب بل احلال فكرة مكان الفكره و المبدأ مكان المبدأ و العقيدة مكان العقيدة فالإنسان هو قوة الحياة هو الذي يدفع و يدافع فالأرض لا تملك إلا أن تستجيب لحركة الانسان إذا أردت أن تحتل أمة فاحتل فكرها و اهزم عزيمتها و إيمانها بقضيتها فإن فعلت أتتك أراضيها و خيراتها تسعى إليك طواعية.
مفهوم الفكر:
هناك عدة تعريفات للفكر ومن أشمل هذه التعريفات هو "اعمال العقل في أمر ما للوصول لرأي جديد فيه". عندما نتحدث عن الفكر تأتي معه العديد من المصطلحات مثل السلوك و العقيدة و العادات و المشاعر و كل هذا أساسه الفكر، فكل فكره تتحول إلى مشاعر و أحاسيس و التي بدورها تتحول إلى سلوك و بالتالي الفكر هو الأساس في تغيير السلوك.
كيف يتشكل الفكر؟
يتشكل فكر الفرد من مصدرين رئيسيين:
· المصدر الخارجي: و هي البيئة المحيطة و تشمل الأسرة و المدرسة و الانترنت و وسائل الاتصال الحديثة.
· المصدر الداخلي: و هي مدى تفاعل الانسان مع البيئة فهو يختلف من انسان إلى آخر.
جميع الدراسات التي أجريت في هذا الجانب اتفقت على أن البيئة المحيطة لها النصيب الأكبر في تكوين فكر الفرد، فيجب أن تكون هذه البيئة خصبة قابلة للزراعة لكي ينمو هذا الجيل بفكر صحيح و يساهم في نهضة أمته التي باتت على حافة الهاوية.
التكنلوجيا و وسائل الاعلام الحديثة هي أهم مكون من مكونات البيئة التي تحيط بالفرد فيجب علينا أن نحصن فكرنا قبل استخدامها.
آثار التكنلوجيا و وسائل الاعلام الحديثة على الفكر:
كرس الانسان طاقاته و قدراته لصناعة وسائل تعينه على قضاء حوائجه فأصبحت تحيط به من كل جانب حتى أصبح الانسان ضائعا بينها، إن أهم ما تتميز به التكنلوجيا و وسائل الاعلام الحديثة ليس فقط قدرتها على نقل الصوت و الصورة بل انتاج النص أيضا و نقله بسرعة البرق و هي تلعب دور كبير في تطور فكر الإنسان و بناء ثقافتة، و كذلك أصبحنا قادرين على القيام بعدة مهام في آن واحد و في زمن لا يتجاوز الجزء من الثانيه و أصبحت الأخبار تتقاذف إلينا من كل جانب وبسرعة كبيرة جدا حتى لا نكاد نسمع بخبر يأتينا خبر آخر وهي أيضا تلعب دورا كبيرا في العملية التعليمية و لكنها تغلغلت كثيرا في حياتنا حتى أصبحنا لا نستطيع أن نتخيل الحياة بدونها و ساهمت في تغيير فكر الفرد، فما هي آثار التكنلوجيا و وسائل الاعلام الحديثة على الفكر:
أولا: الحصول الفوري على المعلومات و تدفق تيارات غزيرة و متنوعة منها من مصادر مختلفة أدى إلى تشتت الذهن و انخفاض القدرة على حفظها و تذكرها و قلت القدرة على التركيز و التحليل العميق و التأمل و الاستنتاج.
ثانيا: التكنلوجيا و وسائل الاعلام الحديثة توفر السريه التامه لكل مستخدم، فهي تمكن مستخدميها من نشر و نقل المعلومات و الأخبار بكل سهولة و يسر و بدون التأكد من صحتها و هذا أدى إلى وضع الانسان في موقف حرج بين التصديق و التكذيب و أصبح فكر الانسان مشوشا فهناك الكثير من الأخبار تم نقلها عن طريق وسائل الاعلام الحديثة و ليس لها أصل من الصحة.
ثالثا: الاكتفاء بالقراءة عن طريق التكنلوجيا و وسائل الاتصال الحديثه وعدم الرجوع إلى الكتاب يشكل خطرا كبيرا في تشكيل فكر الفرد فيتكون فكرا خاويا من الداخل و هذا أدى إلى العزوف عن قراءة الكتب و أصبحت أمة اقرأ لا تقرأ و تركنا أول فرض فرض علينا ألا و هو "اقرأ" شعار الحضارة الحديثة، الكتب هي وحدها التي تستطيع بناء فكرا صافيا و عميقا جميع هذه الوسائل لما تحتويه من تنوع و كثره لا تستطيع بناء فكرا متوازنا و على نهج صحيح، و أنا أعجب من أناس يحاربون الذي يلقي النفايات في منازلهم و يتركون عقولهم بلا حراسه و يسمحون لكل ما هب و دب أن يدخل عقولهم و يدمر فكرهم و هذا كله يرجع إلى مراحل الانسان الأولى فهي التي تحدد مستقبله و علاقته بالكتاب، بالقراءة يملك الانسان مفاتيح العلم و بها يصبح العقل سيدا و الذي به يعرف الله و يتعمق الايمان وتتحقق الخشية منه، إذا القراءة هي شرارة النهضة.
رابعا: أصبحت التكنلوجيا و وسائل الاعلام الحديثة هي المصدر الأول لفكر الفرد في هذا العصر فظهر جيل جديد يحمل فكرا سطحيا وهامشيا لا يكاد يتعدى القشور من كل مجال من مجالات الحياه و يتصف هذا الفكر أنه فكرا غربيا يخالف مبادئ ديننا الحنيف في معظم الأحيان، فانعكس هذا الفكر على سلوكهم و عاداتهم و تصرفاتهم و هذا ما يسميه المفكرون "الغزو الفكري" فالغزو الفكري يعمل على اذابة الشعوب في بعضها البعض و طمس عقائدها و جعلها تابعة لغيرها.
خامسا: "إن النمو اللغوي عند الانسان مرتبط بنموه العقلي و العملية اللغوية هي جزء لا يتجزأ من العملية الفكرية" هكذا قال بعض الفلاسفة و المفكرين، إذا هناك علاقة وطيده بين الفكر و اللغة، التكنلوجيا و وسائل الاعلام الحديثة لها أثر كبير على فكر الفرد و انعكس هذا على اللغة فهناك الكثير من المصطلحات التي أدخلت في اللغة العربية و نستخدمها باستمرار حتى أصبحنا نجهل أنها ليست عربية، و هذا يشكل خطرا كبيرا على اللغة العربية كيف لا و هي لغة القرآن الكريم.
سادسا: في معظم الأ حيان يتم استخدام التكنلوجيا و وسائل الاتصال الحديثة في نقل الأشياء الهامشية التي تشغل الفكر عن الاهتمام بالقضايا الكبرى كقضية فلسطين حتى أصبح الجيل الجديد لا يعلم أصل هذه القضية و يكأنها أصبحت قضية هامشيه ليس لها أي اعتبار.
الخاتمة
التكنلوجيا و وسائل الاعلام الحديثة هي سلاح ذو حدين، فالاستخدام الزائد عن الحاجة لها يعد صورة من صور الانحراف الفكري، يجب علينا أن نضع حدودا عند استخدامنا للتكنلوجيا و وسائل الاعلام الحديثة بحيث تكون عامل بناء لبناء فكرا متوازنا على نهج صحيح و نبني جيلا قويا قادرا على مواجة هذه الحياة بدلا من أن تكون عامل هدم تدمر الفكر، و هذا كله يجب أن يبدأ من مراحل الانسان الأولى فهي المرحلة التي يبنى فيها العقل و تغرس فيها العقيدة فيجب علينا أن نربي أبنائنا تربية صالحة بحيث يكون لديهم مناعة قوية ضد الغزو الفكري و ضد كل ما يمكن أن يدمر عزيمتهم و إيمانهم بقضيتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق