المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا
المحور الأول : كيف يفكر شباب اليوم و ما هي نقاط ضعفه و قوته .
صاحب المقال الفائز بالمركز الرابع في المحور : ريم بنت سعيد المطاعنية_ سلطنة عمان
المقال :
تفكير الشباب مابين الرديء والحسن
في أي مجتمع فتي يحمل شبابه على عاتقه هم تطويره والنهوض به فهم بناة الغد وصناعه وهم المستقبل والمستقِبل لكل جديد ,ولكي نختبر مجتمع بعينه علينا أولا معرفة ما يشغل تفكير شبابه أو بالأحرى فيما تفكر به عقولهم ,فالأفكار وليدة كل مجتمع فكيف يفكرشباب اليوم؟ وماهي نقاط ضعفة وقوته؟ وما هي صحة مانسجه الناس في مخيلتنا حول تفكير الشباب الزائف والغير منطقي؟ وهل تفكير الشباب متشابه؟.
مع التطور الذي يشهده العالم نضجت معه عقول الشباب وصارت واعية وهي في مقتبل ربيعها ومع ذلك فقد تشبعت آذاننا بما فيه الكفاية من مايتردد من الإنتقاد البذيء المسلط على الشباب ."الشباب" دائم ما يتجاذب هذا اللفظ طرفان كلن يشده نحوه ليسقيه حلوا أو ليدس فيه سما ,فاحدهم يتفنن بإلقاء التهم ويسانده مؤيدوه بقنابل المحبطات فيستحقرهذا النوع طريقة تفكير المتهم البريء أي الشباب فيحكم على طموحاته بالإعدام.
وطرف محايد سمح لفكر الشباب بأن ينطق ويبرر بالأفعال والمنطق لا باللفظ والكلام,فكان لابد من وجود محامي يدافع عن فكر بني أمته فكلفت نفسي لأوضح فكر الشباب بمقالتي.
وفي حديثي لن أميل للطرف الذي تبرمج عقله على ذكر مساوئ البعض ولن استشهد بمذكرات الزمان لأرسم المثالية وأتغنى بما كان ,فزمان كل جيل يختلف عن مابعده فلكل فكر زمن خاص فيه.
كم سمعنا عن فلان الذي ينتمي لتلك البقعة الغربية كيف اشتهر نتاجه وفكره وكيف جعلناه نصب أعيننا متناسين ومتجاهلين بذلك فكر من ترعرع ببلدنا الشرقي الذي ولربما قد ضاهى فكره ذاك الغربي.
بعد تلك المقدمة نعود لنكمل إجابة السؤال التي تمثلت في دراسة شل الأخيرة والتي أفادت بأن الشاب ما بين سن الثانية عشرة والخامسة والعشرين عاما ينظر إلى مستقبله الخاص به نظرة ملؤها التفاؤل، حيث ينظر ويفكر أكثر من نصف الشباب نظرة تفاؤل إلى المستقبل القادم، وفقط أقل من عشرة بالمئة من لديه تصور قاتم عن مستقبله الشخصي حسب الدراسة.
ينقسم الشباب إلى أصناف عدة في طريقتهم بالتفكير كل حسب ظروفه التي يعايشها, فبعضهم يميل تفكيره بتصور حياته المستقبلية القريبة فتكون حياته عبارة عن مجموعة حلقات معدودة يشكلها له زمانه ويكون موت اسمه هو الحلقة الأخيرة المكملة أي المطاف الأخير, كأن يفكر بإنهاء الدراسة أولامن ثم امتلاك السيارة فالزواج وتكوين أسرة سعيدة وهكذا دواليك ,وهو تفكير مشترك بين الغالبية من الشباب .ومنهم من برمج عقله على التطوير والتغيير كالربيع العربي مؤخرا الذي قلب الظلم والفساد رأسا على عقب وقد كان من تدبير وتفكير شباب همه الأساسي التغيير للأفضل.
البعض أحب مجال العلوم فلم يكتفي بالخضوع للمناهج الموضوعة بل طمع بالإبداع فجعله جل أهتمامه مهما كان نوع مجاله, فرأينا ذاك يبدع في الصناعة و التجارة وذاك أصبح عبقريا وبجهوده أصبح يملك فوق العشرين براءة , وبعضهم صب شيئا من فكره في الأدب واللغة فطور فكر الآخر بالخبرة, ونستكمل العلوم التي نهلت منها العقول كالفلك والطب وهلم جرا من مجالات أفادوا بها الإنسان وبالمختصر المفيد أعادوا مجدهم التليد فخلدوا اسمائهم حاضرا كما خلدها اجدادهم سالفا.
أنا مسلمٌ أبغي الحياةَ وسيلةً *** للغاية العُظمَـــــــى وللميعــادِ
لرِضا الإله وأن نعيش أعزةً *** وَنُعِدّ للأخـــــرى عظيم الـزادِ
أنا مسلمٌ أسعى لإنقاذ الورى *** للنـور للإيمــان للإسعـــــــادِ
ويرُوعُنِي هذا البــلاء بأُمتي *** لما تَخَلَّتْ عن طريق الهـادي.
ومنهم من يفكر بالاستقلال والتفرد بالتميز- فنحن أمة ميزها الله عن باقي الأمم-,فيكمل الثاني مسيرة النهوض بوطنه بإشهار اسمه واسم وطنه, ومنهم من نذر نفسه ليحرر فكر الآخرين من ما قد يشكل تهديدا لهم كالجهل والفشل والشحنات السالبة, والبعض يكمل المسير فيبدأ يفكر بتثقيف نفسه وانتهال العلوم أولا لتوسيع مداركه والحصول على شهادات جامعية مرموقة ثانيا آخذين بقاعدة" تعلم من كل شيء شيء و من شي كل شيء "وحبذا من كان منهم, شباب اليوم لايعترفون بالمستحيل فإرادتهم لصنع الغير معقول تخطت حدود السماء وتفكيرهم منشغل دائما بما فيه الخير والصلاح وأكبر دليل على صلاح الشباب وحبهم المتفرد للخير انتشار الفرق التطوعية وتوسيع مجال التفكير فيها,وقد ادرك الشباب أن التفكير بالأقوال لايزيد شيئا بقدر ما تزيدهم الأفعال فانشغلوا بكيفية التطبيق وفكروا بكيفية الأخذ بأيادي الأجيال التي ستأتي من بعدهم متعلمين من تجربتهم القاسية .لقد آمن الشباب بحديث النبي محمد صلوات الله عليه:" لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسَةٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَشَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أنْفقَهُ، وَعَنْ مَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ"فأشغل تفكيره بالغد ليحسن استغلاله.
بعض الظروف حكمت على شبابنا بأن ينحصر تفكيرهم في لقمة العيش وماشابهها من مطالب الحياة حيث أصبحت حقوقهم كالأحلام تشغل تفكيرهم وهذه قصة قصيرة توضح ماعنيت به.
سأل أجنبي عربي
الأجنبي: ما هي أحلامك؟
العربي: بيت صغير, زوجة وسيارة جديدة.
الأجنبي رد متعجبا وقال:
سألتك عن أحلامك لاعن حقوقك.
وكلما كانت الظروف مشوشة لايُخلق التفكير الإبداعي, فالظروف تصنع العقول والأفكار .
وهناك حالات نادرة لبعضهم الذين شدتهم الحاجة للتفكير من ثم الإبداع والتغيير.
وبعضهم يفكر بالأمان فبعد الأمان يتحقق كل شيء ويرقى التفكير .
وصنف انسلخ عن عقائدة ,فأصبحت عواطفه تسيره ,وتَقَاعدَ عقله لمشاعرهِ, وفِكره عن التفكير, المادية من أولوياته ,همه إرضاء الناس وكأنه لم يسمع بمقولة"رضا الناس غاية لاتدرك",صنف أعمى تفكيره بالقيل والقال ,صنف يساير الناس ولايريد أن يكون مختلفا كي لايصير أضحوكة الجميع, وربما هو تخوف من معارضات ستنهال عليه ما إن يشغل فكره في أمر يرقى بعقله, صنف انزاح تفكيره بعيدا فصارت مهنته هدم العقول بالإشاعات والفتن بدلا من بنائها ,عقل مغترب ومغتري بالغير المفيد, والحديث يطول عن هذا الصنف ومهما يكن فذكر مساوئه والتأسف والتحسر عليها لن يغير من الواقع شيئا.
بعضهم اقتصر تفكيره ليكون لنفسه والبعض أشرك الغير في تفكيره ,بعضهم فِكره ملك للدين بعضهم لحياته بعضهم لأمته, بعضهم للبشرية كافة والبعض صار يهاجر لينشر فكره , والبعض عقولهم جامدة كصخر جلمود يستقبلون ولا يُقبِلون على شيء, وخير الناس أنفعهم للناس ولو بفكرة.
كما لكل شيء نقطة ضعف فلتفكير الشباب نقاط ضعف ولو كان بعضها مهمشا نذكر منها ما يوجز, وأولها الإنحطاط الفكري والتقليد الأعمى والإستسلام والتسليم للواقع والخوف من الفشل والإحباط وانهيار سد الأحلام والتساهل في الأمور, الإكتفاء بالتغني بالماضي وإلقاء اللوم على الزمان "نعيب زماننا والعيب فينا ومال زماننا عيب سوانا" الذي تعقبه انتشارألفاظ التمني والتحسر ,الإستحقاروالإستصغار, الإستهزاء والإستهانة بقدرات الآخر وملكاته وتحطيم نتاجه ,التقييد بالسن و العادات التي تحول دون التطور الفكري , الخضوع لبعض مغريات العصر التي تلهي التفكير في الإيجاب وتقتل العقل ,الإتكالية والإعتماد على الغير,بُرمج عقل الشاب على التلقي والتأنق بدل التألق,قلة الدعم الذي من المفترض أن يكون حق لكل شاب,سيطرة الشك, التفكير بالمادة والتي أصبح الغالبية لاينتهون ولا يبغون عنها حولا, قلة القراءة والتثقيف,التسرع في الأحكام ,وتحكيم الأمور بالعواطف, المساهمة في نشر الإشاعات وتصديقها, الإنخضاع للفتن ,والإنشغال بالخلافات والمشادات الدينية أو المذهبية التي تنشأ بين العامة من الناس والتي قد تصيب العقل بالإجهاد وتشغلهم عن أمورهي أهم بكثير مماهم فيه,كلها نقاط ضعف تضعف من التفكير الإيجابي للشباب.
ونقاط القوة تتمثل في تمسكهم بتعاليم دينهم وعدم الخضوع للقول وتبين كل شيء من مصدره والتعويد على التفكير الإيجابي والإبداعي واختيارالقدوة الأمثل, قوة إرادة التغيير,إعادة الماضي بدل التغني به ومحو لفظ كان وألفاظ التمني من قاموسنا الفكري,حبه للتحدي ومواجهته للصعاب ,عدم الإغتراء بالشيء السلبي فهي مؤامرة ضد التفكير والفكر.
مؤامرةٌ تدور علـى الشبـــاب *** ليُعرِض عن معانقـة الحـراب
مؤامرةٌ تقول لهـم تعالــــــوا *** إلى الشهوات في ظل الشراب
مؤامرةٌ مَرامِيها عِظـــــــــامٌ *** تُدَبِّـرُها شياطيـــن الخــــراب
وهنا نصل إلى أن للشباب نقاط ضعف وقوة لكن إن ركزنا على نقاط القوة ستتلاشى نقاط ضعفه مع الايام.
بعدما فصلت إجابة الشطر الأول من السؤال يبقى لدي الشطر الثاني لأذكر رأيي حوله بإيجاز ,إن كان كلٌ في فلكه يسبح وله ظروفه وبيئته وأحلامه الخاصة بمجال ما فلا أرى تشابها في محور التفكير لكن من الممكن أن نقول بأن تفكير الشباب يمكن ان يكمل بعضه بعضا. وما دام الشباب يقرأ ويثقف من نفسه ويعايش مايجري من حوله فتفكيره في السليم وأقولها فلنترك لهم الحبل على الغارب ولا خوف من اختلاط الحابل بالنابل.
فكر الشباب بين طرفين,طرف يشيد به وطرف يشده ليحطمه ويهدم أفكاره ,وللطرف الثاني أقول "من ينقد شباب اليوم فليتذكر أنه قد نُقد في زمن الآباء, فهي عملية متوارثة وحسب حالها كحال العادات والتقاليد, فكلن يعيب زمانه ومن فيه,فهم لم يرحموا بنقدهم الشباب ,وقصروا بتهيئة تفكيرهم فتحججوا بأنهم" شباب اليوم". ومازال الخير في أمتنا باقٍ إن أحسنوا تشغيل عقولهم ,وما دمنا أحياء نحن حتماً في معركة دائمة مع الأفكار فلنستغلها بالحسن ولنبعد عن الرديء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق