السبت، 12 أبريل 2014

المحور الأول ، المركز السادس

المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا



المحور الأول : كيف يفكر شباب اليوم و ما هي نقاط ضعفه و قوته

صاحب المقال الفائز بالمركز السادس في المحور : أحمد بن محمد بن نبهان الخروصي_ سلطنة عمان



المقال :
كيف يفكر شبــــــــاب اليـــــــــوم؟
نقاط الضعف والقوة

المقدمة

"نِعْمَ الشبابُ مكتهلين"، هكذا وصف أبو حمزة الشاري أصحابه، وياله من وصفٍ غايةً في الدقة! فهم وإن كانوا شباباً في أعمارهم، أقوياءَ في أبدانهم، مفتولةً عضلاتُهم، إلا أنهم في مصافِّ الشيوخ وكبار السن في حكمتهم وحنكتهم وخبرتهم في الحياة، وربما كان هذا الوصف السليم يختصر لنا ما نطمح أن يتصف به شبابنا العماني، والعربي، والمسلم! وهم كذلك بإذن الله.

أخي القارئ، أختي القارئة ..

بعد التحية العطرة،،،

هنا، وبمجرد التفكير في الأفكار المتعلقة بمحور مقالي الفكري هذا، أجدُ قلمي يسبقني إلى مقالي، وأكاد أشعر بتدافع طوابير الأفكار في عقلي على عجل... فما أعجلك يا قلمي! وما أشد ازدحامك يا أفكاري!

ولكني - وبالرغم من تلاطم تلك الأفكار بعضها ببعض في جعبتي - لا ألومُ قلمي، ولا أُنكرُ على أفكاري ازدحامها، إذ لم يكن منها كل ذلك إلا لرغبتها الملحة في إمتاع القارئ بمادة فكرية مفيدة، بعيدة عن التكلف، قريبة من الواقع، بصياغة سهلة، ودراسة متمعنة، وبحث هادف ...

في هذا المقال، سنقفز معاً من قارب الشباب العائم، إلى بحر تفكيرهم العميق، لنسبر أغواره، ونغوص في أعماقه، فنستخرج الدُرَّ من أحشائه (مواطن القوة، ومكامن النجاح)، ونُـنبِّشَ في شوائبها لنتجنبها (نقاط الضعف، وأسباب التخلف).

وفي هذه الدراسة المتواضعة، سنتناول معاً وجباتٍ خفيفة من ولائم شبابنا، فنعرج على عجالة لأهم مظاهر القوة والضعف في طريقة تفكير شبابنا المعاصر، وأهم اهتماماتهم، وأوجه نزعاتهم الفكرية والإجتماعية والثقافية وغيرها، ونحن بذلك نعالج - بإذن الله - أدواء شبابنا السلبية باستخدام أدويتهم الإيجابية.

كما يتناول هذا البحث المختصر أفكاراً عدة، تتعلق كلها بالشباب العُماني خاصة، والعربي المسلم عامة، ربما قد تجدها مبعثرة (باقة خواطر ونصائح)، إلا أنها ذات ارتباط وثيق بالشأن الشبابي الواسع، وهي إما أن تُسهم في إضعاف كيان شبابنا وتنخر في جسمه، أو - في المقابل - تأخذُ بيده وتشدُّ من أزره وتزيد من قوته.

سائلاً المولى - جلَّ في عُلاه - أن يُلهمنا وشبابَ أمتنا صوابَ التفكير، وسدادَ الفكر، وحصافةَ الرأي، ورجاحةً العقل، وأن يعينني - وجميع المهتمين بشؤون الشباب وحاجاتهم - في إخلاص أعمالنا هذه كلها لوجهه الكريم، وبتعاون الجميع "سنبصم فكراً" نيراً ومشرقاً بإذن الله تعالى من خلال الإستفادة من أمثال هذه المقالات الفكرية والمساهمات الشبابية.


الموضوع

كما ورد آنفاً، يتطرق صلب هذا الموضوع إلى مجموعة من المواضيع التي ينبغي لشباب اليوم التنبه لها، والاهتمام بها، فهي في حقيقتها إما مصادر قوة لهم إن أحسنوا فهمها وأتموا تطبيقها، أو نقاط ضعف إن أهملوها وانغمسوا في أشراكها! ومن الجدير بالذكر أن النقاط التي سيطرحها هذا البحث عليكم إنما هي بعض من المستخلصات التي استنبطها وخلص إليها الكاتب الشاب صاحب هذا المقال.

لا يخفى على أحد أنَّ عجلة الأحداث تتسارع يوماً بعد يوم في زمننا هذا، تماشياً مع التقدم التكنولوجي، والتنافس السياسي، وتوزع مصادر الثروات الطبيعية، وغيرها الكثير من العوامل، وهذا من شأنه التأثير - إيجاباً أو سلباً - على توجهات الشباب المعاصرة، وأيدولوجية تفكيرهم، وأسلوب حياتهم، ويحضرني في هذا المقام مجموعة من الأمثلة في السلطنة لظواهر شبابية إيجابية تمثل نقاط قوة، كانتشار مشاريع العمل التطوعي - بمختلف صوره وأشكاله الحسنة - بين شريحة الشباب خاصة، وانخراطهم الإيجابي في دعم عجلة المجتمع المدني، ودورهم الملموس في مواكب متطلبات الحكومة الرقمية، وتعاونهم المشهود في أوقات الأزمات وأثناء الكوارث الطبيعية، وغيرها مما لا يحصى كثرة، بما لا يتسع المجال هنا للإسهاب في عدِّها.

وفي المقابل تنتشر وللأسف مجموعة من المفاهيم المغلوطة، والظواهر السلبية (أو بمعنى آخر: نقاط ضعف في جسد المنظومة الشبابية)، والتي هي بحاجة لوقفة جادة من الشباب أنفسهم أولاً، ومن المجتمع ثانياً، كرفض بعض الشباب العمل في بعض القطاعات، وترفعهم عن بعض الوظائف، واستهتار بعضهم ومجازفتهم بحياتهم وحياة الآخرين من خلال اللامبالاة في الالتزام بقواعد السلامة المروية، وعبث البعض بالممتلكات العامة، وانجراف آخرين وراء طرق الفساد، وضعف الأمانة في ظل تقهقر دور الرقابة، ونقص الوازع الديني، وما إلى غير ذلك.

واختصاراً للقول، يحتاج شبابنا العُماني (والعربي عموماً) إلى أن يعيد النظر مرتين، ويرجع البصر كرتين، في المفاهيم والنقاط التالية (ذكراً لا حصراً)، وأن يستوعبها فهماً، ويطبقها عملاً، إذ فيها علاج لنقاط الضعف (آنفة الذكر على سبيل المثال)، وتقويةً لنقاط القوة (التي سبق طرح بعضها أعلاه)، ومن جملة تلك النقاط ما يلي:

· الصلاة، الصلاة، ثم الصلاة.

على الشاب المسلم أن يحرص على تلبية نداء "حي على الصلاة" قبل أن ينادي المؤذن "حي على الفلاح"، وأن يقوم للصلاة قبل إقامته "قد قامت الصلاة". صلوا تنجحوا، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.


· تيقن بأن الخيرة فيما اختاره الله تعالى.

ألم يحصل معك يوماً أن امتنع القلم لوحده من تسطيرِ خطِّ على صفحة الدفتر، ثم حمدتَ اللهَ تعالى في سرِّك أنك لم تخطّه بيمينك! حتى تلك تشعرك بأن الخيرة فيما اختاره الله، فلا تحزن! وسر واثق الخطى!


· عبادة التأمل - قف ولو للحظة وتأمل!

إن سمعتَ لمخك المسكين ضجيجاً أو أنيناً من كثرة المشاكل التي تدور في رحاه، قف للحيظات وتأمل إبداع الخالق - سبحانه وتعالي - في ملكوته وخلقه! تأمل وردة حمراء وحيدة فوق بساط عشبي أخضر! تأمل سحابة بيضاء في سماء زرقاوية صافية! عندما تستوقفك المناظر النظرة ثم تقول: سبحانك ربي! فاعلم أنك لستَ متذوقاً فحسب، بل متأملاً مأجوراً. المهم أن تتأمل وتتفكر! فالتأمل له لحلاوة، وعليه لطلاوة! ولا يصلح حال شبابنا اليوم إلا بإطالة التأمل في آيات كتاب الله المسطور (القرآن)، ولا يستقيم الفكر إلا بإمعان النظر في آيات كتابه المنظور (الكون)، فالأخير (كالأول) "مشحون بآياتٍ إذا حاولتَ تفسيراً لها أعياكَ".


· أو علم ينتفع به!

كانت مذكراته الدراسية كنزاً معرفياً. دونها بخطه الجميل. منذ سنين. هو قد نسي أمرها! إلا أنَّ خلَفَاً من بعده ما برحوا يتدولونها (نسخاً واستخداماً)، ذلك "علم يتنفع به"!

وهي دعوة لشباب عماننا الحبيبة خاصة، والأمة العربية والإسلامية عامة، أن يهتموا أيما اهتمام بالعلم والتعلم، وأن يلبوا نداء أول آية أُنزلت في كتاب الله العزيز "اِقـــــرأ"، ولنتذكر معاً مقولة الخليل بن أحمد الفراهيدي: "العلوم أقفال، والسؤالات مفاتيحها".

وإني كل يوم أدخل فيه البيت، أشعر بأن مكتبة المنزل المليئة بأسمن الكتب تهمس في أذني على استحياء: ألم يأْنِ لك أن تكتشف كنوزي وتنهل من معارفي!؟! وإني لأحسبها تهمس بمثل ذلك في آذان معظم شبابنا، فالبدار البدار لمجالسة الكتب والنهل من معارفها!


· السهر في طلب العُلا! وإلا فلا...

همس لي الليلُ ذات مساء: جعلني ربي لباساً، وحدثني النهارُ ذات يوم: وجعلني ربي معاشاَ! ثم أردفا قائلين لي بصوت واحد جادّ: فذكِّر غيرَك أننا جُعلنا كذلك!

وهي رسالة صريحة، وبلاغ واضح لأولي النُهى من شباب أمتنا الذين يطيلون السهر فيما لا طائل منه، إذْ لا خيرَ في سهرٍ لم يكن في طلب العُلا.

علو القدر بالهمم العوالي وعز المرء في سهر الليالي


· قول وفعل.

على الشاب أن يقول ما يفعل، وأن يفعل ما يقول - ألم ترَ أن الضوء أسرع من البرق، ولذا نرى لمح البرق قبل سماعنا هزيم الرعد! لهذا السبب يرتاح الآخرون لرؤية برق أفعالك سابقةً رعدَ أقوالك.


· الأمانة في الوظيفة.

أحد أهم أسرار نجاح الأمم هو أمانة موظفيها في جميع القطاعات، ألم تسمع بمن امتنع عن استخدام قلم العمل الجاف في كتابة قائمة "راشن" بيته! أيهدرُ قطرات حبر الوظيفة في بروة شخصية بقلم العمل المؤتمن عليه! تلك "أمانة"!


· لأن يحتطب أحدكم خير له...

عماننا الحبيبة بحاجة لشبابها الفتي في جميع الوظائف دون ترفع، وهي بحاجة لسواعد أبنائها النشطاء كلهم دون استثناء، فالهمة الهمة! وهيهات أن يتحقيق حلم دون استيقاظ أولاً!


· معادلة المختبر المجتمعي.

على الشاب المسلم أن يتحلى بالأمانة، ويتزين بثوب الإخلاص في قوله وفعله، وأن يبتعد عن الفساد بشتى أنواعه، إذ ورد في كراسة المختبر المجتمعي المعادلة التالية:


ثروة مستغلة + تخطيط سليم ! مشاريع ناجحة + توظيف عادل وشامل

مع مراعاة الآتي:

ü تخلص من رواسب الفساد.

ü لاحظ تصاعد التنمية في أرجاء المختبر.

ü الأمانة هي العامل الحفاز للتفاعل السابق أعلاه.


· إن المُنبتّ لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى.

فالسرعة الجنونية في الشوارع، والتجاوز الخاطئ، والإهمال، واللامبالاة كلها وبال على الإنسان، ولا تجلب له ولا لغيره الأمن والأمان، وفي هذا الباب اعلم أنه إن كان حث الخطى من فضة، فالتمهل دائماً وأبداً من ذهب.

بل سولتْ للمتهور نفسُه أمراً! حتى إذا ما اصطاده وميض جهاز ضبط السرعة، نظر إليه من طرف خفي، ثم تمتم في نفسه: ذلك كيل عسير! فلا ينفعه حينئذ إلا فصبر جميل!


· عليك بمهارات التحدث والعرض.

وهنا أبعث برسالة أخوية لجميع الشباب، ذكوراً وإناثاً، أقول فيها:

ألم تلحظ بأن كل نشرات الأخبار الرسمية تبدأ بالعناوين الرسمية، ثم تنتقل للتفاصيل، ثم ختامها موجز بأهم الأنباء! مهد لحديثك، ثم فصِّل، ثم لخص!


كانت تلك باقة متنوعة من الأفكار الهامة مقدمةً لكل شابٍ واعٍ، من كل بستان زهرة، ومما لا شك فيه بأن هناك من مثل هذه الأمور الحياتية الكثير والكثير مما يمكن لشبابنا الإستفادة منه وتطبيقه واقعاً ملموساً في حياتهم، وكنتُ قد هممتُ بطرح المزيد من تلك الأفكار للقارئ الكريم ولكن مراعاةً لشروط المسابقة فإني أكتفي بهذا القدر، مانحاً القارئ الشاب الشغوف الفرصةَ للمشاركة بأفكاره القيِّمة التي تعلمها من دروس الحياة، ومدارستها مع أفراد أسرته وأقرانه ومجتمعه.


الخاتمة

وأختم مقالي هذا بتذكير نفسي أولاً، وشباب اليوم جميعاً، بأننا عن شبابنا فيما أبليناهُ مسؤولون (كما ورد في حديث النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم)، ثم بقول الحسن البصري "يا ابن آدم إنما أنت أيام، فإذا ذهب يوم، ذهب بعضك"، كما يحضرني في الختام قول أحد الشعراء:

فكن رجُلاً رِجلُه في الثرى وهامةُ همته في الثريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق