السبت، 5 أبريل 2014

المحور الرابع ، الفائز بالمركز الأول

المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا


المحور الرابع : تأثير التكنلوجيا و وسائل الإعلام الحديثة على الفكر

صاحب المقال الفائز بالمركز الأول في المحور : آسيا بنت حميد المقبالي_ سلطنة عمان


المقال :


الفكر، منذ التفاحة التي أغوت آدم إلى تفاحة آبل!

المقدمة

إنني أتسائل عن انطباع الأجيال القادمة عن أجداد منحشرة في عالم يعزلها عن الشخص المجاور لها ويفتحها على كل أخبار الكرة الأرضية.

أتسائل عن الفكرالإنساني الذي سنخلفه للأجيال المقبلة وعن أي ثقافة سيتمايزون فيما بينهم،لعل التكنولوجيا الآن مزجتنا لدرجة أننا أصبحنا متشابهيين فكريا وعقليا بل ونسرح شعرنا بنفس الطريقة ونختار ملابسنا بنفس الذوق الذي تقتضيه شركات الأزياء العالمية،جيناتنا فقط هي من يدل علينا.

أصبحت التكنولوجيا هي المؤثر الأول على فكرنا وشغلنا الشاغل وأصبحنا نتميز بتسهيلات لم يكن يحلم بها أجدادنا حتى في أكثر أحلامهم رقي ورفاهية بل وحتى الملوك القدامى لم يكونوا يستطيعون أن يسافروا إلى أي دولة تستغرق عبرأسوأ الخطوط الجوية الحالية ساعتين ،أقل من يومين مع المشقة التي لا تقارن.

أفكارنا أصبحت عالمية بل وتصل لكل العالم في أجزاء من الثانية،حياتنا أصبحت ترتبط ارتباطا وثيقا بوسائل الإعلام الحديثة لدرجة أنها أصبحت جزء لا يتجزأ منا.

الفكر الشبابي الحالي أصبح يشكل جزء لايستهان به من ثقافة المجتمع وهؤلاء الشباب يؤثرون ويتأثرون بوسائل الإعلام الحديثة.

فيسبوك،تويتر،واتس آب،يوتيوب وغيرها الكثير من وسائل الإعلام الحديثة باتت تؤثر علينا ونتأثر بها ، وأصبحت جزء من ثقافتنا التي سنخلفها للأجيال المقبلة.




ألم يخطر ببالك وأنت تتجول في إحدى المكتبات ..أنك تتجول بين أدمغة بشرية معصورة على ورق ..وأن الإرث الأعظم الذي ورثناه هو الفكر الإنساني وغير ذلك ما هو إلا هباءا منثورا..والفكر الإنساني بعين ابن خلدون هو

(وجدان حركة للنفس في البطن الأوسط من الدماغ، تارة يكون مبدأ للأفعال الإنسانية على نظام وترتيب، وتارة يكون مبدأ لعلم ما لم يكن حاصلا بأن يتوجه إلى المطلوب، وقد يصور طرقيه يروم نفيه أو إثباته، فيلوح له الوسط، الذي يجمع بينهما أسرع من لمح البصر)

وبالتأكيد أننا نحتاج لعدة صفحات لشرح ما يقصده ابن خلدون بالفكر الإنساني كيف لا وهو مؤسس علم الإجتماع وهو نبع من منابع الفكر العربي والإنساني العظيم.

يتأثر الفكر الإنساني بمؤثرات عديدة،فالبيئة، والعائلة،والتربية،والأصدقاء تؤثر تأثيرا واضحا على منهج تفكير الإنسان ولاننسى بالتأكيد الأثر العظيم الذي يخلفه الدين في عقولنا وتفكيرنا وقرآننا الكريم ملئ بالآيات التي تدعو للتفكر والإرتقاء بالفكر.

وصلنا للقرن الحادي والعشرين،وكما تقول الحكمة الإنجليزية لم تعد التفاحة ولا التوت الأسود(

Apple, Black berry)

مجرد فاكهتين نستمتع بطعمها .

في زمننا هذا أصبح الإنترنت ووسائل التواصل الحديثة يترأسها "الواتس آب" الذي صرنا نهتم به ونحنّ له إذا ما غبنا عنه كطفل نصب عليه جم اهتمامنا ونرعاه حتى أصبح فردا من العائلة!

لم يكلفنا الإنترنت مشقة وعناء التواصل ولم نعد نعد نحتاج لحمام زاجل ينقل رسائلنا وخواطرنا ، والطائر "لاري"-طائر تويتر الأزرق- الذي يحلق بأخبارك حول العالم بضغطة زر وفي أقل من أجزاء من الثانية يحلق في سماء العولمة!

لا أعتقد أن العالم الآن مجرد قرية صغيرة بل أصبحنا أقرب من ذلك وكأن العالم بيت كبير وأنت تتنقل –بكل أريحية-بين غرفة وأخرى ،كيف ومتى شئت!

أجيالنا الآن لم تعد كسابقتها فالفكر مختلف ، والثقافات مختلفة والسبب واحد.

وسائل الإعلام الحديثة والتكنلوجيا أثرّت تأثيرا عميقا على ثقافة المجتمع بل وتعدت ذلك وأصبح الشعب يثوروالجيوش تتحرك بسبب تغريدة من "لاري"!

ولعل أبرز مثال الفتيلة التي أشعلتها تونس ومصر لتصل إلى معظم البلدان العربية والخليجية فيما يسمى "الربيع العربي"الذي لم تينع أزهاره حتى الآن ،بانتظار نار تأكل ما تراكم علينا من فساد.

ليس هذا وحسب ، ففي زمننا هذا كلنا أصبح صحفي، كاميرته بهاتفه متى أحتاج إليها وكلنا أصبح لديه القدرة على أن ينشئ قناته الخاصة على "اليوتيوب" ليدرج لمتابعيه مايثيرهم ، وليعيدوا المشهد أكثر من مرة!

لم يعد الشاب خنوع برأي ضعيف بل أصبح بإمكانه أن يناقش ويدلو بدلوه مع أي شخص في العالم –بغضّ النظر عن مكانته الإجتماعية والسياسية- عبر شاشته الزجاجية،وبملابس النوم إن شاء!

البعض منهم حرّك بوسائل الإعلام الحديثة همّة شعب كامل وبعضهم لايكادون يرفعون أعينهم وتكاد رقبتهم أن تصاب بالتصلب من شدة التركيز على شاشة هاتفه الذي يختصر له العالم بأسره فتجده يمضي الساعات الطوال متسمرا أمام شاشته بمواقع المراسلة والفيديوهات الخليعة يكاد لايفصله عنها إلا النوم والأكل.

غيرتنا وسائل التواصل كثيرا، غيرتنا لدرجة أننا أصبحنا متشابهون في كل شي.

كل أفكارنا بدأنا نتواردها ،أصبحت ثقافتنا واحدة وأكثر سطحية،لاتجديد ،وكل حكايا الاخرين-حتى وإن كانت أكثرها مجرد شائعات- أصبحنا نعرفها ،ما من جديد في حياتنا ، تجدنا بالرغم من إدعاء تقدمنا أصبحنا نتسارق اللحظات بصحبة خير جليس في الزمان بأسره، هناك حيث ينقلنا إلى لحظات الهدوء والسكينة بعيدا عن صخب حياة التكنولوجيا الحديثة.

وسائل الإعلام الحديثة تقودك إلى فكر متشابه بل وحتى كلمات متشابهة نتناقلها فيما بيننا وكأن أدمغتنا كفّت عن كل ما هو مبتكر فقد نجد أن الرسالة الواحدة قد تصلك في اليوم الواحد أكثر من مرة ومن عدة أشخاص ، ألم أقل لكم أننا نعيش في بيت واحد؟



لا أريد أن أكون متشائمة ولا أريد أن أتلمس كلمة" رجعية" مندسة بين أفواهكم لتصف هذه الكاتبة فأنا أؤمن بأننا أوفر حظا من أجدادنا الذين امتطوا الصحاري وآلاف الكيلومترات من أجل التأكد من صحة خبر ما، ونحن عمنا "جوجل" يريحنا حتى من سؤال الناس إلحافا بغية التأكد من أمر ما!

وأنا أعلم علم اليقين بأن جميع الموسوعات والكتب التي تتوفر بين إيدينا "أونلاين" كان امتلاكها للقدامى ضرب من ضروب المستحيل.

وأنا متيقنة أن تفكير جيل اليوم أوعى من جيل الأمس-من بعض النواحي- لكن أخاف على أدمغتنا من التضائل والإنكماش نكاية ببشر استغنوا عن معظم خدماته.

ثقافة الشعوب انصهرت فيما بينها ،وأصبحت لاتميز بين العربي والأعجمي إلا بالتقوى،وأصبحنا نضيع معظم أوقاتنا على الهاتف الذي صنع أساسا من أجل حفظ الوقت.البعض تراجع فكره وأصبح يمضي أياما لايخرج من المنزل ، دون أدنى شعور بالملل،وهناك الشاب الواعي ،الذي يقضي وقته في الإرتقاء بفكره وتفكيره والإرتقاء بمجتمعه عبر نفس الشاشة .

(أن الأمم لا تبنى إلا بسواعد أهلها، وأن رقيها فى مدارج الحضارة والتقدم لا يتم إلا عن طريق العلم والخبرة والتدريب والتأهيل. )هكذا يرى قائد هذا البلد المعطاء ثروة الأمم،

فالفكر الإنساني المتقدم هو من يدفع بعجلة التقدم للأمام، ماضيا بها نحو مستقبل مشرق مخلفا لمن بعده من الأجيال إرث عظيم ومنهل علم لاينتهي.



الخاتمة

معلومة قرأتها قبل أسابيع تنص على أن أدمغتنا ستبدأ بفقد بعض من ذكائها بسبب التكنولوجيا الحديثة مع مرور الوقت!

لم يعد أحد يهتم بالاعتكاف على تأليف كتاب بالقدر الذي أصبحنا ندخر فيه أوقاتنا في الإبحار في هذا البحر اللجي المسمى بالتكنولوجيا.

كلنا أصبحنا وكأننا نسخ متشابهة في فكرنا وتصرفاتنا ،

بل أصبحنا نشبه هواتفنا التي أعتقد أنها ستصبح أذكى منا في يوم ما،تفكيرنا مشتت ،فكرنا سطحي،هذا كل ما خلفته التكنولوجبا فينا.

ولكنني على أمل حالم أن تغير فينا هذه الوسائل العديد من الأفكار والثقافات التي أكل عليها الدهر وشرب حتى كاد أن يتقيأ .



أفكارنا ستصبح سلوك وسلوكنا سيصبح عادة وعاداتنا ستصبح حضارة،وعالم التكنولوجيا أصبح عادة لذيذة وآخر مانتفقده قبل أن ننام وأول ما نلامسه حينما نصحو،لا أريد لأجيالنا القادمة أن تعتب علينا وعلى الثقافة الركيكة التي خلفتها علينا التكنولوجيا ، إنني على أمل أن يتشدقون بنا وينفخون صدورهم بأجدادهم الذين انتشلتهم التكنلوجيا من غياهب الجهل إلى نور العلم وأعلى مراتب الفكر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق