الاثنين، 14 أبريل 2014

المحور الثاني ، المركز الثامن

المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا



المحور الثاني : طرق لتطوير الأنظمة التعليمية القائمة على الحفظ و التلقين لا على الفكر و التفكير

صاحب المقال الفائز بالمركز الثامن في المحور : مسعود بن سالم السيفي_ سلطنة عمان



المقال :



بسم الله وكفى، والصلاة والسلام على المبعوث المصطفى، أمَّا بعد،

عندما ننظر إلى مناهجنا التعليمية فإننا نرى العيوب فيها بالرغم من المحاولات العديدة لسد فوهة هذه العيوب، ولكني لم أر أن المنهج القديم للتعليم العام أتى بعلماء ولا المنهج الجديد للتعليم الأساسي أفضل منه، وأنا أعلم أن تطوير المناهج ليس أمرا سهلا؛ فهو يحتاج إلى آراء طلاب درَسوا النظام، وآراء معلمين درَّسوا النظام، وخبراء محليين وعالميين -وأوأكد على الخبراء المحليين بخطين تحتها- ليحللوا تلك الآراء، وتكاتف مربين مع علماء نفسيين، وأخذ ورد، وجهد جهيد وطاقات وتكاليف؛ لأننا عندما نتحدث عن تطوير المناهج التعليمية فنحن نتحدث عن ضرورة لا عن كماليات، أما وقد آن الأوان لمنهج عماني جديد ينطبق علينا، وعلى تربيتنا، وعلى الصعوبات التي نواجهها في حياتنا، وعلى تجاربنا في تربية أجيالنا؛ فليس بالضرورة ما ينطبق على اليابانيين والكوريين ينطبق على العمانيين.


وأنا بدوري كطالب درس تحت مظلة هذا النظام، وعرف قوته وضعفه، وخلله وعيوبه، وخاصة نضوج هذه المعرفة المتواضعة بدخولي في الجامعة، وخوضي تجربة الفجوة الواسعة بين تعليم المدرسة والتعليم العالي، كأن النظام يريد منا تعلم الوثب العالي بين النظامين، أو أن نكون كماعز الجبل الذي يجيد القفز لمسافات طويلة، فلا رابط بين النظامين ولا صلة؛ فهنا أقدم مقترح مبسط لتطوير المناهج التعليمية ألخصه على مراحل التعليم المختلفة:



الصف الأول والثاني:

1. يكون التركيز في الدراسة على تعلم اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم وبعض العمليات الحسابية البسيطة؛ بحيث يتخرج الطالب من هذين الصفين وقد حفظ جزء عم كاملا بصورة قرآنية متسلسلة ومرتبة، وليس مثل كتب التربية الإسلامية الآن التي تجعل من كل وحدة في الكتاب موضوعا وتأتي بآيات من القرآن تمثل هذه الوحدة، نعم أنا أتفق أن هذا نظام رائع وأشكر جهدهم عليه، ولكن عندما يكون الحفظ بصورة غير متسلسلة، تكون غير مرتبة ومشتتة في ذهن الطالب؛ فيحفظها الطالب للدرجات وثم ينساها، وهذه من أكبر عيوب مناهجنا التعليمية، والغرض من حفظ القرآن هو استغالال مَلَكَة الحفظ عند الطلاب في هذه المرحلة العمرية وتنشيطها.

أما بالنسبة للغة العربية وتعليم القراءة والكتابة، أقترح أن تكون في نفس حصة التربية الإسلامية للإرتباط الوثيق بين قراءة القرآن وتعلم الحروف الهجائية؛ لكي لا يتشتت الطالب ويظن أنهما مادتان منفصلتان عن بعضهما بحيث يكون دور المعلم كالمعلم في الماضي قبل 1970.

2. لا تدرس اللغة الإنجليزية في هذه المرحلة العمرية، لماذا؟ لأن تدريس لغتين عميقتين في آن واحد من البداية وبطريقة سطحية أنتج طلاب مرتبكين مشتتين بين هذه وتلك، فيتخرج الطالب من هذين الصفين لا يتقن العربية ولا الإنجليزية لا قراءة ولا كتابة؛ لذلك فشل نظام التعليم الأساسي في هذه النقطة.

3. أقترح أن يكون التدريس في هذه المرحلة العمرية في المساجد والجوامع لا في المدارس، لماذا؟ ليس لأني أريد إحياء التراث، فأنا لا أفضل استخدام العاطفة في مثل هذه المواضيع الحساسة، ولكن لأن الجوامع منتشرة تقريبا في كل الحارات في ولايات السلطنة، لذلك سيكون الطلاب المتعلمين والمعلمين قريبين من بيوتهم، ويكون الطلاب في حلقات ومعهم أستاذ، وأيضا لنبعد الطلاب من جو الدراسة الممل في الصفوف الدراسية، و الجوامع مناسبة لتدريس الذكور والإناث.

4. وقت التدريس يفترض ألا يزيد عن خمس ساعات يومياً، فالأطفال الآن يتحمسون للذهاب للمدرسة، ولكن بسبب الإجهاد الذي يرونه من المدرسة، والفترة الطويلة بعيدا عن المنزل يكرهوا الدراسة.

الصف الثالث والرابع:

يفترض من الطالب الآن أن يدخل هذه المرحلة متقنا للغة العربية قراءة وكتابة بسلاسة وسهولة، وقادرا على القيام بالعمليات الرياضية الأساسية (الجمع، الطرح) بسهولة، وتتميز هذه المرحلة بالتالي:

1. تبدأ الدراسة في المدارس والصفوف المدرسية.

2. تدخل مادة اللغة الإنجليزية، وهنا لا أقصد اللغة الإنجليزية بكتب المناهج القديمة (التعليم العام والأساسي)، وإنما أقصد حصة قراءة وحصة كتابة وحصة تحدث واستماع reading, speaking, listening and writing، أو ما يعادلها في نظم المدارس الخاصة، وعدة مدرسين لهذه المادة؛ بحيث تكون دراسة اللغة الإنجليزية في هذين الصفين بصورة متعمقة تخرج لنا طلاب متقنين إلى حد ما للغة الإنجليزية قراءة وكتابة، وبالتالي يخرج الطالب من هذه المرحلة متقنا للغتين العربية -التي اتقنها مسبقاً في المرحلة الماضية- والإنجليزية -التي أتقنها في هذه المرحلة الحالية-.

3. طبعا يجب أن تكون هناك حصة للغة العربية وتعلم قواعدها؛ بحيث لا ينسى الطالب اللغة العربية.

4. أن تكون هناك حصة للتربية الإسلامية يكمل فيها الطالب حفظه للقرآن بحيث يحفظ جزء تبارك في هذه المرحلة العمرية بالصورة التسلسلية القرآنية المرتبة.

5. أن تكون هناك حصة للرياضيات لتكون تكملة للعمليات الحسابية المبسطة، ويكون التعليم فيها باللغة العربية في الصف الثالث، ثم باللغة الإنجليزية في الصف الرابع حيث يكون الطالب قادرا على فهم المصطلحات الإنجليزية في هذا الصف.

الغرض من هاتين المرحلتين التعليميتين (من الصف الأول إلى الصف الرابع) هو حل مشكلة إتقان اللغتين العربية والإنجليزية قراءة وكتابة، فنحن لا نريد التركيز على اللغة الإنجليزية مثل المدارس الخاصة التي يتخرج منها طلاب استولت عليهم الثقافة الإنجليزية، وجُرِّدوا من ثقافة اللغة العربية، ولا نريد تخريج طلاب يرون المستقبل شبحا بسبب ضعفهم في اللغة الإنجليزية، فيتيهون في سوق العمل.

المراحل المدرسية القادمة:

أقترح في هذه المراحل أن تكون كل الكتب العلمية (الرياضيات، الأحياء، الفيزياء والكيمياء) باللغة الإنجليزية، وبذلك نسد جزء من الفجوة بين التعليم المدرسي والتعليم العالي، وتبقى مواد التربية الإسلامية واللغة العربية والدراسات الإجتماعية باللغة العربية، وهنا في هذا المقال أغطي المواد الاساسية بصورة تلخيصية سطحية مبسطة فقط.

ملاحظات أخرى:

1. لا يتم ولا يكتمل تطوير المناهج إلا عن طريق الإهتمام بالمعلم على اعتبار أنه النافذة الأولى التي ينظر إليها الطلاب والمربون إلى المنهج وتقييمهم لقوته وضعفه، وهذه من النقاط المهملة دائما عند تطوير المناهج التعليمية؛ فالإهتمام بالمعلم يكون بتهيئته تهيئة نفسية وإعطاءه دورات تدريبية في القيادة والتعامل، وهنا يطول الكلام، وأنا بصدد تأليف كتاب أناقش فيه التعامل بين المعلم والطالب في أكثر من أربعين نقطة من واقع تجاربي وتجارب وآراء زملائي في المدارس العمانية.

2. نستطيع تطوير منهج التربية الإسلامية بطريقة القرآن التسلسلية؛ بحيث نضع عنوان الوحدة في الكتاب حاملةً لمعنى الآيات القرآنية، وليس العكس مثل المنهج الحالي، مثال:

ذكرت سابقا أن المرحلة الأولى يجب أن تبدأ بحفظ جزء عم، فيكون عنوان أحد وحدات الكتاب عن القراءة وأهميتها، وهذا ما أكدت عليه سورة العلق من جزء عم، أما المنهج الحالي يضع عنوان الوحدة أولاً ثم يضع الآيات القرآنية التي تدل عليه، مثال:

عنوان الوحدة عن الأخلاق؛ فتأتي الآيات القرآنية من منتصف القرآن، من سورة الفرقان (63-77): "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا... (63)... قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)"، فيحفظ الطالب هذه الآيات وينساها بسهولة لأنه لم يحفظ ما قبلها ولا ما بعدها.

3. عندما درست مقرر اللغة العربية في الجامعة، درس عندي أحد طلاب الشيخ/ حمود الصوافي، وكان هذا الطالب يحفظ الإعراب عن طريق أبيات شعرية لها وقع في الأذن، ولها معانٍ جسيمة وصعبة النسيان، فلم نكن نستطيع مجاراته في النحو، بالرغم أننا خرجنا من المدرسة بمرتبة الإمتياز في اللغة العربية؛ فأقترح أن تُتخذ طريقة الشيخ حمود الصوافي في تدريس اللغة العربية في مناهجنا.



وفي الختام، أدعو الله أن يكلل هذا العمل بالنجاح والتوفيق والسؤدد، إنه على كل شي قدير، وأنا مستعد لكتابة مقال تفصيلي عن كل المراحل التعليمية في حالة قبول هذا المقال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق