المقالات المشاركة في مسابقة سنبصم فكرًا
صاحب المقال : حسن كريم ماجد
المقال :
سوسيولوجيا الفهم حدوده ووظائفه وتحولاته
مادة الفهم هي تلك الحروف من الفاء والهاء والميم ولكن صياغته هي عملية ذهنية تتفاعل مع الذهن في حدود معينة ووظائف التعريف بالألفاظ وتحولاتها ، وهذه المادة والصيغة تحتاج معرفيات خاصة إذ إنها تعد اعقد مرحلة معرفية في التعرف على الالفاظ الشاملة لمجموعة نصوص او نص قديم او جديد او معاصر ،فالنص تجرى عليه عملية الفهم الثابت او المتغير ،فهل إن فهم النص يتبع القبليات الثقافية لمحلله ولمعرفة كينونته فرب نص له اوجه متكثرة من المعاني او يصح ان يقال مستويات قريبة وبعيدة وعميقة الغور وتحليل النص ربما يحتاج تداخل جملة من العلوم لكشف حقيقته والبوح بفهم القارئ المتخصص وربما حتى هذا المتخصص يغفل عن بعض العلوم الداخلة في فهمه فيقع في الغلط والغفلة عن معان لا تلائم هذا العصر او ذاك ،وعملية الفهم هي عملية ليست سهلة كما يتصورها البعض من خلال المنطوق والدلالات ويغفل عن القرائن المحفوفة بتاريخ النص والزمكانية له ،وكذلك عن نوع الخطابات المرادة على الآمرية او الطلبية او تحقيق الإدارة او الإدارة البشرية للتحصين من غوائل اسرار قد تكون غير معروفة الآن ومعروفة فيما بعد،ففهم النظام والتنظيم الكوني في خدمة الإنسان في حين التشريعي التنجيزي هو التنظيم البشري لصفة مصلحية عائدة للإنسان في فعله وإمتثاله على كافة المستويات العامة والخاصة،ففهم الحكومة والدولة والحاكم والمحكوم مناصب وإدارات في نسق واحد من اصلها ولكنها يوم توظف التوظيف الشخصي تفهم خلاف النسق الإبتدائي المفروض منه في وصفه كذلك فهم النصوص المؤسسة للحركة الدينية في العالم البشري ،فإن فهم المقاربات الدينية او الاصل المشترك للديانات وجوهر الإعتقاد بها يكاد يكون واحدا في اصله ومنطلقاته الذاتية والعرضية العامة ولكن تحصل الإضافات المربكة عن السياقات النصية الاولية والبسيطة فتنعقد عن الفهم عند المتكلمين والفقهاء والاصوليين واللاهوتيين بعد الدقة العقلية والابتعاد عن الفهم العرفي للدين وإطاره اللماع والناصع قبل التشويه ،ولذلك يخضع الفهم الى تبديل وتجديد ادواته المعرفية في البحث عن الصورة المؤسسة للفكر الديني فسواء كانت المسيحية او اليهودية او الإسلام فهي تتحرك في مشتركات حسية واضحة حتى في الإنشقاقات او الإحتجاجات ،فيحاول بعض الضيقين الدفاع الضيق بالافق الضيق ولن ينطلق نحو الإنسانية والوجود الفسيح والإختيارات الإنسانية في ضوء وفضاء الفسحة والإختيار ففهم الفكر والدين والثقافة والحضارة في اطر ضيقة ينتج الفكر الضيق والدين الضيق والثقافة الضيقة والحضارة الضيقة لذلك كانت الحضارات الواسعة محدودة لأن الفهم الواسع يتسع ولا تحده الحدود والموانع والمعوقات اي التحول نحو العالمية والإنطلاق اليها من المحلية، ففهم الإنسان المخلوق المشترك مع مخلوقات الطبيعة في العلاقات والملاحظات المباشرة وغير المباشرة ينتج الإنسان الواسع الافق مع غيره من المخلوقات المحيطة به.
إن الفهم الاجتماعي للحركة الواعية الفردية والجماعية تساعد على صياغات و انساق جديدة في البناءات الاجتماعية (ويعتبر منهج الفهم verstehen واحدا من اهم المفاهيم المنهجية عند فيبر ، وعلى الرغم من إن هذا المفهوم يعد اقرب الى إدارة يمكن استخدامها في تحليل الوعي الفردي إلا ان فيبر اعتبره ادارة عملية مناسبة لتحليل التأثيرات المؤسسية والبنائية على الفرد الفاعل )، ويبدو إن عملية الفهم متفاوتة في الوعي الفردي والوعي المؤسساتي للمجتمعات المتخلفة ، وهي متصاعدة في المجتمعات المتحضرة وتعيش الفهم الجمعي في البناءات العامة اي التفكير العام النافع في تشكيل الثقافة والنسق المتطور في عملية الفهم المتطور واحداث القطائع الابستيمولوجية مع الفكرة والفهم وعملية الفهم المتطور عملية متصاعدة في شتى المجالات الحيوية في بناء الانسان وحريته ويمكن تفعيل الفهم المتطور برسم الحدود العامة والخاصة وعلى شكل مراكز بحثية للتطورات الحاصلة والمتسارعة بين الحين والآخر ،فإن الوظائف العامة للفهم تخرق الجانب التقليدي وتشخص الهوية والذات وفق زيادة العملية الذهنية للمعاني والالفاظ المختلفة في شتى الممارسات ،ومن الغريب الفهم المصلحي او الانحيازات النفسية المعرقلة لفرد او جماعة في ذمة المفسر للنص والفهم المنحاز المؤثر على حقوق فرد او جماعة ، وهذا الفهم من معرقلات البيروقراطية الدائرة في دول العالم الثالث بشكل ملفت للنظر في تفسير النص بإدعاء فهمه لمصلحة الدولة او لمصلحة القانون وحفظه في حين ان التبادر للمفهوم وفهمه ينصرف بالاحرى لمصلحة الفرد والجماعة وروح المواطنة فالفهم الاجتماعي قد غاب اليوم من الساحة العلمية والسياسية وهو فهم جمعي لترصين العلاقات الاجتماعية والسمو بها نحو العالمية المجتمعية و الاواصر المنفتحة نحو الإنسانية كفهم جديد في التوطين الفردي او إشاعة ثقافة الفهم بإرادة حقيقية هادفة ممزوجة بالفعل الاجتماعي الاخلاقي وفهم الاكسيولوجيا فهم للإنسانية غير المحدودة بحدود وهمية او واقعية مصنعة لإشاعة ثقافة الحدود والثغور والنقاط المحروسة فإن الفهم الايكولوجي للعلاقات الارضية يتوافر على إيجاد الارضية الملائمة لنشوء علاقات العرق الواحد والمشترك الواحد الارضي والصعود الروحي المشترك مع الحس المشترك الطبيعي فهو اهم وظيفة من وظائف الفهم الرفيع والكلي المرتبط بكثيرين ، وتغليب جانب التنميط العالمي المختلف مع العولمة المصدرة للمركزيات الاحادية والتنافس غير المقبول وطغيان الهيمنات العالمية والنظرات الدونية في حين إن تأسيس سوسيولوجيا الفهم العالمي المشترك في تعايشه الحضاري العالمي يؤدي الى نتائج اكثر سلاما ونزع حدة الصراعات والخصومات الجزئية والكلية بين المجتمعات للتعايش المحترم مع الاحتفاظ بالهويات والذاتيات الثابتة بالاصل والمفارقة بالعارض .
إن فهم الفعل والفاعل في الحركة الإجتماعية هو بيان ربما للشكل والمضمون وهو المفسر القصدي في اغلب السوسيولوجيا الدينية التي تحاول ان تجد تفسيرا صحيحا للفعل الاجتماعي والانماط السلوكية المختلفة، وقد تشترك الانساق الثقافية الدينية والفكرية في هذا الحس السوسيولوجي لفهم التصرفات والحركات الظاهرة وصرفها نحو التفسير الإيجابي فإنه من اجل التعايش الحضاري في مختلف الانماط السلوكية لثقافات متعددة منفتحة او منغلقة فالقيم الاكسيولوجية المقننة وغير المقننة تحيط بالسيرة العقلانية الراسمة للقيم الاخلاقية الانسانية، ويمكن إشاعة مثل هذه الثقافة في تأسيس علم إجتماع معرفي عالمي يتجاوز المناطقية نحو العالمية وفق نظرية الايكولوجيا (منزل المجتمع الارض )وإشاعة ثقافة الكونية المشتركة تحد من الصراعات والخصومات والتسابق في التسلح وكثرته وإثاره المنعكسة سلبا على الفرد والمجتمع والصحة والبيئة ومختلف النواحي في حياة البشر ، إن روح الافضلية والاختيارية والمركزية هي ثقافات مغلقة وفهم إجتماعي سلبي قاصر عن التواصل الاجتماعي مع الآخر المتعلق به من دون إنفصال لوجود الروابط صغيرة كانت ام كبيرة.
إن تأسيس علم إجتماع الفهم المعرفي الموضوعي يؤدي الى إشاعة الثقافة العميقة وتجاوز الثقافات المحلية والصراعات التاريخية العالقة في الاذهان الدينية غالبا وهذه البرامج العالمية التي تخفف حدة الصراعات وتقليل الهيمنة وبروز الهوية والذات كحق من حقوق الانسان يفتح الآفاق نحو التعايش الواقعي والإبتعاد عن الصراع وحتى مفهوم الحوار الذي ربما لايفلح لتأسيس فهم منضبط يشعر بحقوق الآخر وبتحسس الامة ، وقد أشاعت الثقافات الفكرية والبحث عن نشوء الحضارات وعلل الاحداث التاريخية المكونة للحضارات العمرانية التي تفسر انها تنشأ من الصراع والتحدي و الإستجابة والدوران الحضاري افلا تنشأ حضارة كونية من تأسيس مراكز ابحاث في علم اجتماع تتناول التغيير الفهمي لثقافات ملتصقة بهويات غير منفكة وذات حق طبيعي في الاعتقاد والتفكير والنمط السلوكي المختار وتبدأ هنالك تحولات عظيمة حالمة في مستقبل اوفق متجانس مع الاخر المغاير في الثقافة والدين والفكر وكل يعمل على شاكلته بلا تنميط ممنهج في الشكل والفعل وبهذا تحل السعادة بدلا عن التعاسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق